المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين د/ وفيق الدهشان ونير عثمان وفتحي جودة وأحمد عبد القوي أحمد "نواب رئيس المحكمة". وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ هشام عامر. وأمين السر السيد/ عادل عبد المقصود.
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما في قضية الجناية رقم 571 لسنة 1998 سفاجا (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 1089 لسنة 1998) بوصف أنهما في يوم 7 من مايو لسنة 1998 بدائرة قسم سفاجا - محافظة البحر الأحمر:- قلدا خارج البلاد عملة ورقية متداولة قانونا داخل البلاد وهي الأوراق المالية الألفان وأربعمائة وعشرون ورقة مالية من فئة المائة جنيهاً المصرية والستمائة وثلاثة وأربعين ورقة مالية من فئة العشرين جنيها المصرية بأن اصطنعاها على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي المرفق على النحو المبين بالتحقيقات. 2- شرعا في إدخال الأوراق المالية المقلدة المتداولة قانونا داخل وخارج البلاد موضوع التهمة الأولى وكذا عدد تسعمائة وثلاثة وستون ورقة مالية من فئة الخمسمائة درهم أماراتي إلى داخل الأراضي المصرية مع علمهما بأمر تقليدها إلا أنه أوقف أثر جريمتهما لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو ضبطهما والجريمة متلبسا بها على النحو المبين بالتحقيقات. 3- حازا بقصد الترويج الأوراق المالية موضوع التهمتين السابقتين بأن حاز المتهم الأول عدد ثمانمائة ورقة مالية من فئة المائة جنيها مصريا ومائة ورقة مالية من فئة العشرين جنيها مصريا والثلاثمائة ورقة مالية من فئة الخمسمائة درهم إماراتي وبأن حاز المتهم الثاني عدد ألف ستمائة وعشرون ورقة مالية من فئة المائة جنيها المصرية وخمسمائة وثلاثة وأربعون ورقة مالية من فئة العشرين جنيها وستمائة وثلاثة وستين ورقة مالية من فئة الخمسمائة درهم إماراتي مع عملهما بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 8 من ديسمبر لسنة 1999 ببراءة كل من...... و....... مما نسب إليهما وبمصادرة الأوراق المالية المزيفة المضبوطة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في 3 من فبراير لسنة 2000 وبذات التاريخ وأودعت مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من رئيسا بها.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على النحو المبين بالمحضر.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جرائم تقليد وحيازة أوراق مالية مزيفة وشروعهما في إدخالها إلى داخل البلاد بقصد ترويجها قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه أقام قضاءه على بطلان القبض والتفتيش لعدم إتباع أحكام قانون الإجراءات الجنائية ودون أن يستظهر في هذا الصدد أن المشرع لم يتطلب توافر قيود الضبط والتفتيش المنظمة بهذا القانون واشترط وجود الشخص المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في القانون، وذهب خطأ إلى أن الجرائم المنسوبة إلى المطعون ضدهما ليست من الجرائم المنصوص عليها بالمواد 15، 121، 122 من قانون الجمارك 66 لسنة 1963 بالإضافة إلى أن ضابطي الواقعة ليسا من موظفي الجمارك المقصودين في هذا القانون وأن الضبط تم داخل الدائرة الجمركية في حين أن جميع إجراءات القبض والتفتيش وقعت صحيحة وفقا لقانون الجمارك المشار إليه، كما أورد في عبارات عامة أن الأوراق خلت من دليل صحيح على إدانة المطعون ضدهما دون أن يفطن إلى إقرارهما في محضر الضبط بما نسب إليهما ودون تمحيص منه لأقوال الشهود ولجنة مأموري الجمارك التي قامت بتفتيشها وضبطت الجرائم المشار إليها. وكل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
من حيث أن البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن المشرع منح موظفي الجمارك أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجد بداخل تلك المناطق، وأن المشرع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بمصالح الخزانة العامة ومواردها ومدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير، أنه وأن كان لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور إلا أن الواضح من نصوصه أنه يتطلب أن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش في تلك المناطق هو نفسه مظنة التهريب - لا تلقى نبأها عن الغير - فيمن يوجدون داخلها وهي حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي قبل المشتبه فيه في الحدود المعترف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها وضبطها. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المقدم..... رئيس مباحث الأقصر ورئيس قسم البحث الجنائي بميناء سفاجا و الضابط بمباحث سفاجا والتي أكدتها تحرياتهما السرية أن المتهمين يقترفان تهريب كميات كبيرة من النقد المصري والأجنبي المزيف بقصد ترويجها داخل البلاد وهذه الجريمة ليست من الجرائم المنصوص عليها بالمواد 15، 121، 122 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 63 بالإضافة إلى أنهما ليسا من موظفي الجمارك المقصودين بهذا القانون وأنهما قد ألقيا القبض على المتهمين داخل الدائرة الجمركية بالمخالفة لنص المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة إعمالا لنص المادة 416 من القانون ذاته ومن ثم فإن هذا القبض باطل وما لحقه من تفتيش وضبط ولا يقدح في ذلك استعانتهما ورئاستهما بمأموري جمارك لتفتيش المتهمين إذ أن هذا التفتيش بالإضافة إلى كونه متفرعا عن قبض باطل لم يكن يوجد لولا القبض الذي وقع باطلا فإن مأموري الجمرك قد استعملا حقهما الاستثنائي المخول لهما بقانون الجمارك 66 لسنة 63 لضبط جريمة تخرج عن نطاق الرقابة الجمركية التي نظمها هذا القانون وتخضع لأحكام القانون العام - الأمر الذي يبطل هذه الإجراءات ولا يعتد بشهادة من أجراها ولا بما أثبته في محضره من أقوال مقول بحصولها أمامه - ولما كان ما تقدم وكانت الأوراق قد خلت من دليل يصح على إدانة المتهمين بمقتضاه غير هذا الدليل الباطل ومن ثم يتعين عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببراءة المتهمين". لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - يتفق وصحيح القانون، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن لجنة مأموري الجمارك التي أجرت تفتيش المطعون ضدهما لم يقم لديها هي نفسها فطنة التهريب بل تلقت نبأ هذه الشبهة من ضابطي الشرطة سالفي الذكر - وهما ليسا من موظفي الجمارك من ثم قامت هذه اللجنة نفاذا لأمر صادر لهما من هذين الضابطين بتفتيش المطعون ضدهما، وقد استظهر الحكم أنه ليس من حق الضابطان القبض على المطعون ضدهما أو .... بذلك لمخالفة ذلك لأحكام قانون الإجراءات الجنائية، ولما كان بطلان القبض لعدم مشروعيته ينبني عليه عدم التعويل في الإدانة على أي دليل يكون مترتبا عليه أو مستمدا منه، وتقدير الصلة بين القبض الباطل وبين الأدلة التي تستند إليها سلطة الاتهام أيا ما كان نوعها من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام التدليل عليها سائغة ومقبولا - كما هو الحال هو الدعوى الراهنة - وكان إبطال القبض على المطعون ضدهما لازمه بالضرورة إهدار كل دليل انكشف نتيجة القبض الباطل، وعدم الاقتداء به في الإدانة، ومن ثم لا يصح النعي على الحكم بأنه لم يعول على الأدلة التي ساقتها سلطة الاتهام - وأشارت إليها الطاعنة في أسباب طعنها - لأن تلك الأدلة لم تكن لتوجد لولا إجراء القبض الباطل لأن القاعدة في القانون أن ما بني على الباطل فهو باطل، ولما كان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة الإجراءات وسلامة عناصر الإثبات لكي تقضي بالبراءة إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على بطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليها من أدلة فإنه لا محل للقول بأنه لم يمحص أدلة الثبوت كما أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها قد رجحت دفاع المطعون ضدهما وداخلتها الريبة والشك في صحة الإجراءات وسلامة عناصر الإثبات ولأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمنا أنها قد أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضدهما ومن ثم فإن ما تثيره النيابة العامة - الطاعنة - في هذا الصدد يكون على غير سند فضلا عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق