التسميات

الاثنين، 26 يوليو 2010

قانون الضرائب على الدخل الجديد أصلح للمتهم

قضية  رقم 158 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا


بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من ديسمبر سنة 2009م، الموافق التاسع عشر من ذى الحجة سنة 1430ه .


برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة


وعضوية السادة المستشارين:محمد
على سيف الدين ومحمد عبدالقادر عبدالله وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبدالحكيم سليم نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين


وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر


أصدرت الحكم الآتى


فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 158 لسنة 26 قضائية "دستورية". والمحالة من محكمة جنايات طنطا بحكمها الصادر بجلسة 13/5/2004 فى الدعوى رقم 10729 لسنة 1999 جنايات قسم ثان طنطا


المقامة من


السيد/ سعيد حسن محمد بر


ضد


النيابة العامة


الإجراءات


بتاريخ الخامس من يوليو سنة 2004، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 10729 لسنة 1999 جنايات قسم ثان طنطا المقيدة برقم 1690 لسنة 1999 كلى طنطا، بعد أن قضت محكمة جنايات طنطا بوقفها وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نصوص المواد 178، 181/1، 195 من
قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.


وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.


ونُظرت الدعوى
على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة


بعد الاطلاع
على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع –
على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن النيابة العامة أحالت السيد/ سعيد حسن محمد بر إلى محكمة جنايات طنطا متهمة إياه بتهربه من أداء الضرائب عن أرباحه عن نشاطه التجارى فى مجال بيع الوحدات السكنية بنظام التمليك خلال السنوات من 1993 حتى 1995، وذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى نشاطه عن مصلحة الضرائب، ولم يخطرها عند بدء مزاولته للنشاط، وعدم تقديمه للإقرارات الضريبية عن السنوات المذكورة، وطلبت النيابة معاقبته بمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة ومنها نصوص المواد 178، 181/1، 195 من القانون رقم 157 لسنة 1981 المشار إليه، وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية هذه النصوص فقد قضت بجلسة 13/5/2004 بوقف السير فى الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية النصوص السالفة الذكر .

وحيث إنه بالنسبة للطعن
على نص المادة 181/1 فيما تضمنته من القضاء بإلزام من يحكم بإدانته فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة (178) من القانون المذكور بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة به بحكمها الصادر بجلسة 8/5/2005 فى الدعوى رقم 332 لسنة 23 قضائية "دستورية" القاضى بعدم دستورية هذا النص . وإذ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بعددها رقم (21) تابع بتاريخ 26 مايو سنة 2005، وكان لهذا القضاء حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الخصومة فى الدعوى الراهنة تغدو منتهية بالنسبة لهذا الشق من الدعوى.

وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة
على محكمة الموضوع، وأن شرط المصلحة الشخصية المباشرة الذى يحدد للخصومة الدستورية نطاقها، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة.

وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية، فلا يمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها
على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤدى ذلك أن يقيم المدعى الدليل على أن ضرراً واقعيا قد لحق به، وأن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلا على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.

لما كان ما تقدم، وكان نص المادة (195) من
قانون الضرائب على الدخل يتناول بالتنظيم كيفية التصرف فى حصيلة الغرامات والتعويضات التى يتم تحصيلها من الممولين وفقاً لأحكام القانون، ولا شأن له بموضوع المخالفات المنسوبة للمتهم فى الدعوى الموضوعية، فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص المذكور- يفرض صحة المطاعن الموجهة إليه- لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعى، لتغدو المصلحة فى الطعن عليه منتفية، وتكون الدعوى فى هذا الشق منها غير مقبولة.

وحيث إنه بالنسبة للطعن
على المادة (178) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981، والذى كان- قبل إلغائه بالقانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل- ينص على أن" يعاقب بالسجن كل من تخلف عن تقديم إخطار مزاولة النشاط طبقاً للمادة 133 من هذا القانون، وكذلك كل من تهرب من أداء إحدى الضرائب المنصوص عليها فى هذا القانون باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية الآتية:-

على
1- تقديم الممول الإقرار الضريبى السنوى بالاستناد إلى دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات مصطنعه تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بالدفاتر أو السجلات أو الحسابات أو المستندات الحقيقية التى أخفاها عن مصلحة الضرائب.

على
2- تقديم الممول الإقرار الضريبى السنوى أساس عدم وجود دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بما لديه فعلاً من دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات أخفاها عن مصلحة الضرائب.


3- إتلاف أو إخفاء الدفاتر أو السجلات أو المستندات قبل انقضاء الأجل المحدد لتقادم دين الضريبة.
على شريك أو شركاء وهميين بقصد تخفيض نصيبه فى الأرباح.
4- توزيع أرباح

5- اصطناع أو تغيير فواتير الشراء أو البيع أو غيرها من المستندات بقصد تقليل الأرباح أو زيادة الخسائر.

6- إخفاء نشاط أو أكثر مما يخضع للضريبة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص السالف الذكر مخالفته لقواعد العدالة الجنائية بإنزاله عقوبة الجناية على مرتكب هذه الأفعال رغم ما فى ذلك من تعسف وشدة غير مبررة تجاوز الغرض التهديدى والتقويمى للعقوبة، وتنال من الحرية الشخصية. بيد أن الأمر اختلف بصدور القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل والذى ألغى القانون رقم 157 لسنة 1981 برمته، وأعاد ترتيب أوضاع هذه الضريبة إجرائياً وموضوعياً، وأحل نصوصا أخرى فى مجال تحديد الأفعال المجرمة والعقوبات المقررة لها نابذاً عقوبة الجناية التى كانت محددة بمقتضى النص المطعون عليه، مستبدلاً بها عقوبة أخف وطأة هى عقوبة الجنحة، إذ أفردت المادتين 132، 933 من القانون الجديد جريمة التهرب من أداء الضريبة بعقوبة الجنحة بدلاً من عقوبة الجناية، وهى الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات، وغرامة تعادل مثل الضريبة التى لم يتم أداؤها، كما أجاز للمحكمة الإكتفاء بالحكم بإحدى هاتين العقوبتين. وبالنسبة لجريمة الامتناع عن تقديم إخطار مزاولة المهنة والامتناع عن تقديم الإقرار الضريبى فقد نصت المادة 135 من القانون الجديد على معاقبة مرتكبها بعقوبة الغرامة فقط التى لا تقل عن ألفى جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه. وبهذه المثابة يكون القانون الجديد قانونا أصلح للمتهم أتى بعقوبات أخف، كما أنه قرر عفواً عن الجرائم التى وقعت فى ظل القانون الملغى، وهو ما يكشف عن مسلك مغاير للمشرع قدر بموجبه عدم جدوى تشديد العقوبة على تلك الأفعال صوناً للحرية الفردية بما يرد عنها كل قيد غدا تقريره مفتقراً إلى أية مصلحة اجتماعية.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة - فى شأن كل
قانون اصلح للمتهم، يصدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه نهائياً- مؤداه أن سريان القانونقانون سابق، وإن اتخذ من نص المادة الخامسة من قانون العقوبات موطئاً وسنداً، إلا أن صون الحرية الشخصية، التى كفلها الدستور بنص المادة (41) منه، هى التى تقيم هذه القاعدة، وترسيها، بما يحول بين المشرع وتعديلها أو العدول عنها. ذلك أن ما يعتبر قانونا أصلح للمتهم، وإن كان لا يندرج تحت القوانين التفسيرية، التى تندمج أحكامها فى القانون المفسر، وترتد إلى تاريخ نفاذه، باعتبارها جزءاً منه، يبلور إرادة المشرع، التى قصد إليها، ابتداء، عند إقراره هذا القانون، إلا أن كل قانون جديد يمحو التجريم عن الأفعال، التى أثمها القانون القديم أو يخفف من العقوبة، إنما ينشئ للمتهم مركزاً قانونياً جديداً ويقوض مركزاً سابقاً، ومن ثم يحل القانون الجديد- وقد صار أكثر رفقاً بالمتهم، وأعون على صون الحرية الشخصية، التى اعتبرها الدستور حقاً طبيعياً لا يمس- محل القانون القديم، فلا يتزاحمان أو يتداخلان، بل ينحّى ألحقهما أسبقهما.
اللاحق، فى شأن الأفعال التى أثمها
وغدا لازما تبعا لذلك- وفى مجال إعمال القوانين الجنائية الموضوعية، الأكثر رفقاً بالمتهم- توكيد أن صون الحرية الشخصية من جهة، وضرورة الدفاع عن مصالح الجماعة والتحوط لنظامها العام من جهة أخرى، مصلحتان متوازنتان، فلا تتهادمان، وصار أمراً مقضياً ، وكلما صدر قانون جديد يعيد الأوضاع إلى حالها قبل التجريم أو يعاقب بعقاب أخف من أن ترد إلى أصحابها تلك الحرية، التى كان القانون القديم ينال منها، وأن يرتد هذا القانون على عقبيه، إعلاء للقيم، التى انحاز إليها القانون الجديد، وعلى تقدير أن صونها لا يخل بالنظام العام، باعتباره مفهوماً مرناً، متطوراً، على ضوء مقاييس العقل، التى لا ينفصل القانون الأصلح عنها، بل يوافقها، ويعمل علىقانون أكمل لحقوق المخاطبين بالقانون القديم، وأصون لحرياتهم.
ضوئها، فلا يكون إنفاذه منذ صدوره، إلا تثبيتاً للنظام العام، بما يحول دون انفراط عقده، بعد أن صار هذا ال
وحيث إنه لما كان المشرع قد أصدر القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل ونشر فى الجريدة الرسمية العدد 23 (تابع) فى 9 يونيه سنة 2005، ليعيد من جديد تنظيم أوضاع الضريبة ومن بينها نصوص التجريم والعقاب للجريمة محل المحاكمة فى الدعوى الموضوعية، والتى لم يصدر فيها، بعد، حكم نهائى، فإن مؤدى صدور هذا القانون الجديد - حاكما ذات الأفعال المؤثمة بعقوبات أخف وطأة - اعتباره قانوناً أصلح للمتهم يتعين تطبيقه على تلك الدعوى، ولو كانت وقائعها سابقة على صدوره، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.



فلهذه الأسباب


حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق