التسميات

الثلاثاء، 17 مارس 2015

الأحكام الحضوريه وألغيابيه فى ضوء قضاء النقض

الأحكام الحضوريه وألغيابيه فى ضوء قضاء النقض

الحكم الحضوري والغيابي
لما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981_ التي نظر الاستئناف في ظلها تنص على أنه " يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه. أما في الجنح الأخرى وفي المخالفات فيجوز أن ينيب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه " فقد دلت بذلك صراحة وعلى ما أكدته المذكرة الإيضاحية لهذه المادة على ضرورة حضور المتهم بنفسه أمام محكمة أول درجة في الجنح التي يوجب القانون تنفيذ الحكم الصادر فيها بالحبس فور صدوره أي لا يقبل فيها الكفالة كحالة النفاذ الوجوبي المنصوص عليها في المادة 463 من قانون الإجراءات الجنائية وما عسى أن ينص عليه في القوانين المكملة لقانون العقوبات، أما محكمة ثاني درجة فإنه يجب حضور المتهم بنفسه في كل جنحة معاقب عليها بالحبس باعتبار أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة ثاني درجة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها إلا إذا نص القانون على جواز التوكيل فيها أمامها كما هو الحال في الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية وكما لو كانت عقوبة الحبس المقضي بها مع إيقاف التنفيذ وكان المتهم هو المستأنف وحده.
(نقض جلسة22/1/1984مجموعةالقواعد القانونيةس35ص85)
الأصل أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة ثاني درجة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها ـ ومن ثم وعلى الرغم من حضور وكيل عن الطاعن فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر غيابياً قابلاً للمعارضة وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق، ولا يبدأ ميعاد المعارضة في هذا الحكم إلا من تاريخ إعلان المتهم.
(نقض جلسة8/4/1985مجموعةالقواعدالقانونية س36ص551)
إن حضور المتهم أمام المحكمة في الجنحة التي تستوجب الحكم بالحبس ليس بمحتم إلا عند الفصل في موضوع التهمة فقط، فإذا كانت المرافعة مقصورة على دفوع فرعية أو على حقوق مدنية جاز سماع المرافعة من الوكيل دون إيجاب حضور المتهم الأصيل.
(نقض جلسة 3/12/1982 المحاماة س 4 ص 430)
العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه، مناط اعتبار الحكم حضورياً هو بحضور المتهم الجلسات التي تمت فيها المرافعة سواء صدر فيها الحكم أو صدر في جلسة أخرى.
(نقض14/11/1982مجموعة القواعد القانونية س33ص 874)
لما كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي استأنفه المتهم وحده، أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهم. فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه، إذا كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه حضور محام كوكيل عن المتهم وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكماً حضورياً.
(نقض جلسة7/3/1984مجموعةالقواعدالقانونيةس 35ص254)
توجب المادة 237 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية على المتهم بفعل جنحة، الحضور بنفسه إذا ما استوجب هذا الفعل عقوبة الحبس، وأجازت له في الأحوال الأخرى أن يرسل وكيلاً عنه. وإذ كان ماتقدم، وكان النزاع المعروض على المحكمة الاستئنافية قد انحصر في مسألة مدنية، وكان الطاعن قد أناب وكيلاً عنه حضر بالجلسة، وكان توكيل الأخير مصرحا فيه بالمرافعة في القضايا مدنية كانت أم جنائية، فإن الحكم الصادر ضد الطاعن المذكور في مواجهة الوكيل يكون حضورياً في حقه، ويكون النعي عليه ببطلان الإجراءات ـ بفرض وقوع خطأ مادي في إثبات حضور الطاعن المذكور بجلسة المحاكمة ـ في غير محله.
(نقض جلسة25/5/1970مجموعةالقواعدالقانونيةس21ص732)
العبرة في وصف الحكم هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه والأصل أنه يجب حضور المتهم بنفسه في الأحوال التي يكون الحبس وجوبياً ويجوز حضور وكيله في الأحوال الأخرى. وحضور وكيل عن المتهم المحكوم عليه بالغرامة أمام محكمة ثاني درجة يجعل الحكم حضورياً ويجوز الطعن فيه بالنقض ولو وصفته المحكمة بأنه حضور اعتباري.
(جلسة 20/4/1993 الطعن رقم 26484 س 95ق)
لا يكون الحكم حضورياً بالنسبة إلي الخصم إلا إذا حضر وتهيأت الفرصة لإبداء دفاعه كاملاً.
(نقض جلسة 13/3/1986 س 37 ق 82 ص392)
متى كان حضور المتهم بنفسه أمراً واجباً طبقاً للقانون فإن حضور وكيله عنه خلافاً لذلك لا يجعل الحكم حضوري أو لأن مهمة الوكيل في هذه الحالة ليست هي المرافعة وإنما تقتصر على مجرد تقديم عذر لتبرير غياب المتهم، وحتى إذا ترافع الوكيل خطأ فإن هذه المرافعة تقع باطلة ولا تغير من اعتبار الحكم غيابياً والعبرة في وصف الأحكام هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنها.
(نقض جلسة 22/1/1984س 35 ق 17 ص 85)
متى كان البين أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد قضي بحبس الطاعن أسبوعين، فإن استئنافه لهذا القضاء يجعل عقوبة الحبس واجبة النفاذ فوراً إذا ما قضت محكمة الدرجة الثانية بعدم قبول الاستئناف شكلاً أو برفضه موضوعا أو بتعديل مدة الحبس إلي ما دون ما قضى به الحكم المستأنف، بما يتعين معه والحال كذلك أن يمثل الطاعن أمام تلك المحكمة ولا يجوز أن ينيب عنه أي وكيل، فإذا حضر وترافع في الدعوى فإن مرافعته تكون لغوا لا أثر له ويظل الحكم الصادر في حقه غيابياً ولو وصفته المحكمة خطأ بأنه حضوري.
(نقض جلسة 10/2/1987 س 38ق36ص 242)
إعلان المتهم إعلاناً صحيحاً لجلسة المحاكمة يوجب عليه الحضور مستعداً لإبداء دفاعه.
(نقض جلسة 11/3/1983 س 34ق 67ص 335)
الأصل أن يكون المتهم حاضراً بنفسه جلسات المرافعة إلا أنه يجوز أن يحضر وكيله في غير الأحوال التي يجوز الحكم فيها بالحبس، ومتى كان حضور المتهم شخصيًا أمراً واجباً فإن حضور وكيل عنه خلافاً للقانون لا يجعل الحكم حضورياً.
(نقض جلسة 7/5/1972س 23ق144ص 641)
يجوز حضور وكيل عن المتهم أمام المحكمة الاستئنافية ولو كانت الجريمة عقوبتها الحبس متى حكم عليه ابتدائيا بالغرامة وكان هو المستأنف وحده.
(نقض جلسة 25/12/1986 س 37 ق 216ص 1132)
استئناف النيابة العامة الحكم في جريمة معاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحداهما يوجب على المتهم الحضور بشخصه أمام محكمة ثاني درجة، وعدم حضور المتهم بشخصه يجعل الحكم الصادر ضده في الواقع غيابياً. والعبرة في وصف الحكم هي بحقيقته الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه.
(جلسة 18/4/1993 الطعن رقم 9460 س 59 ق)
توجب المادة 237 إجراءات جنائية على المتهم بفعل جنحة الحضور بنفسه إذا ما استوجب هذا الفعل عقوبة الحبس وأجازت له في الأحوال الأخرى أن يرسل عنه وكيلا. ولما كان الحكم الاستئنافي الغيابي المعارض فيه قد أيد الحكم الابتدائي القاضي بحبس الطاعن مع إيقاف تنفيذ العقوبة، وكان الطاعن قد أناب عنه وكيلاً حضر بالجلسة فإن المحكمة إذ قضت بعد ذلك باعتبار المعارضة كأن لم تكن على أساس أن المعارض تخلف عن الحضور تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
(نقض جلسة 26/11/1973 س 24 ق 221 ص 1076)
من المقرر أنه إذا كان المتهم قد أعلن بالحضور إعلاناً صحيحاً لجلسة المحاكمة فيجب عليه أن يحضر أمام المحكمة مستعدا لإبداء أوجه دفاعه وللمحكمة ألا تقبل التأجيل للاستعداد إذا ما رأت أنه لا عذر للمتهم في عدم تحضير دفاعه في المدة التي أو جب القانون إعطاءه إياها من تاريخ الإعلان إلي يوم الجلسة فإذا حضر غير مستعد فتبعة ذلك لا تقع إلا عليه إذ لا شأن للمحكمة فيه ولا فرق في هذا الصدد بين المتهم ومحاميه إذ كان وجود المحامي أثناء المحاكمة غير واجب كما هو الحال في مواد الجنح والمخالفات.
(الطعن رقم5708لسنة51ق جلسة11/3/1982س33ص335)
الأصل تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية قبل تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 المعمول به اعتباراً من 5نوفمبر سنة 1981 بعد صدور الحكم المطعون فيه ـ أن يكون المتهم حاضراً بنفسه جلسات المرافعة إلا أنه يجوز أن يحضر عنه وكيلاً في غير الأحوال التي يجوز الحكم فيها بالحبس. ومتى كان حضور المتهم شخصيًا أمراً واجباً فإن حضور وكيله عنه خلافاً للقانون لا يجعل الحكم حضوري أو فإن الحكم المطعون فيه يكون حكماً غيابياً وصفته المحكمة خطأ بأنه حكم حضوري بتوكيل ويكون بهذه المثابة قابلاً للمعارضة التي لا يبدأ ميعادها إلا من تاريخ الإعلان به.
(الطعن رقم 3944 لسنة 64ق جلسة 21/2/1999)
من المقرر أن الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل يختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن، فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى فإن انعدمت فلا دعوى، ومن ثم فإنه لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الأحكام لمصلحة القانون لأنه عندئذ تكون مصلحتها وطعنها تبعاً لذلك مسألة نظرية صرفه لا يؤبه بها. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة قد اقتصرت في طعنها على تعييب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون قواعد الالتزام بما أوجبته المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1980 من وجوب حضور المتهم في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به دون أن تنعي على الحكم قضاءه ببراءة المطعون ضده وعدم استجابته إلي ما طلبته بوصفها سلطة اتهام من إدانته. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون قائماً على مجرد مصلحة نظرية بحتة لا يؤبه لها. مما يكون معه الطعن قد أفصح عن عدم قبوله موضوعاً.
(الطعن رقم 11998لسنة 64 ق جلسة 20/12/1999)
إن المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على المتهم في جنحة معاقب عليها بالبحث الذي يوجب القانون تنفيذه فوراً حضور المتهم بنفسه في جنحة يجوز فيها الحبس يكون لازماً أمام المحكمة الاستئنافية حتى يصح وصف حكمها بأنه حكم حضوري باعتبار أن الأصل إن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من هذه المحكمة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها وإلا كان الحكم غيابياً إذا لم يحضر المتهم بنفسه أمامها بل أناب عنه وكيلا. غير أنه لما كانت الفقرة الرابعة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 1471 لسنة 1998 قد نصت على أنه "واستثناء من حكم المادة 237 من هذا القانون يجوز للمتهم عند رفع الدعوى عليه بطريق الادعاء المباشر أن ينيب عنه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وكيلاً لتقديم دفاعه، وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة من حق في أن تأمر بحضوره شخصيًا"، وكانت الدعوى الماثلة قد أقيمت ضد الطاعن بطريق الادعاء المباشر في تاريخ لاحق على العمل بالتعديل المدخل بالقانون رقم 174 لسنة 1998 سالف الذكر، وكان الطاعن قد أناب عنه وكيلاً حضر جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية وأبدى دفاعه فإن الحكم المطعون فيه يكون حضورياً لا يقبل المعارضة ويكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً.
(الطعن رقم 10667 لسنة 71 ق جلسة 5/5/2002)
من المقرر على مقتضى المادتين 237، 238 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 أنه يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن ينيب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه، والمقصود بالحضور في نظر المادة 238 سالفة الذكر هو وجود المتهم بالجلسة بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة251 من القانون ذاته تنص على أنه " يحصل الادعاء مدنياً بإعلان المتهم على يد محضر أو بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إذا كان المتهم حاضراً وإلا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعى بإعلان المتهم بطلباته إليه" وإن كان مفاد هذا النص يستلزم أن يكون المتهم حاضراً بنفسه بالجلسة أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، وإذ كان المتهم ـ المطعون ضده ـ قد مثل بجلسات المحاكمة الابتدائية بوكيل عنه ـ وهو جائز له عملاً بالمادة 237/2 سالفة الذكر ووجهت إليه الدعوى المدنية في حضور وكيله هذا فإن رفعها يكون قد تم صحيحاً ويكون الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبولها لتوجيهها في الجلسة رغم غياب المتهم عنها بشخصه قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان هذا الحكم وإن قضى خاطئا بعدم قبول الدعوى المدنية فإنه يعد في الواقع ـ على الرغم من أنه غير فاصل في موضوع الدعوى ـ منهياً للخصومة على خلاف ظاهره إذ يترتب عليه منع السير في الدعوى، ومن ثم يكون الطعن فيه جائزا،ولما كان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون، وكان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن بحث موضوع الدعوى المدنية فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه خصوص الدعوى المدنية وبإلغاء الحكم المستأنف في خصوصها وإعادة القضية وإعادة القضية إلي محكمة أول درجة للحكم فيها.
(الطعن رقم 19736 لسنة 65 ق جلسة 23/12/2002)

الاثنين، 16 مارس 2015

نص قانون احترام العلم المصرى والنشيد والسلام الوطن

نص قانون احترام العلم المصرى
القانون رقم 41 لسنة 2014 شأن احترام العلم والنشيد والسلام الوطنى

مادة 1 : العلم الوطنى لجمهورية مصر العربية والنشيد والسلام الوطنيين رموز للدولة ، يجب احترامها والتعامل معها بتوقير على النحو المبين بهذا القانون. ويشار فيما بعد بالعلم الوطنى لجمهورية مصر العربية بكلمة ” العلم ” .
مادة 2 : العلم يتكون من ثلاثة ألوان ” الأحمر والأبيض والأسود ” وبه نسر مأخوذ عن نسر صلاح الدين باللون الأصفر الذهبى . ويكون العلم مستطيل الشكل عرضه ثلثا طوله يتكون من ثلاثة مستطيلات متساوية الأبعاد أعلاها باللون الاحمر وأوسطها باللون الأبيض وأدناها باللون الأسود ويتوسط النسر المستطيل الأبيض .
مادة 3 : يحدد رئيس الجمهورية بقرار منه شكل علم الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة . وتقرر اللوائح العسكرية شكل الأعلام الخاصة بالوحدات والسلطات المختلفة وشروط استعمالها وما يجب أداؤه لها من تعظيم . ويؤدى العسكريون التحية العسكرية أثناء رفع العمل على السارى وإنزاله وأثناء الاستعراضات العسكرية على النحو الذى تنظمه اللوائح العسكرية .
مادة 4 : مع مراعاة الأعراف الدولية يرفع العلم على مقار رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات والهيئات والمؤسسات العامة ووحدات الإدارة المحلية والمجالس النيابية ودور المحاكم والسفارات والقنصليات ومكاتب التمثيل المصرية بالخارج وعلى المعابر والجمارك والنقاط الحدودية وعلى المقر السكنى الرسمى لرئيس الجمهورية وعلى أى وسيلة انتقال يستقلها أثناء مباشرته أعمال وظيفته .
مادة 5 : يرفع العلم فى مكان ظاهر فى المؤسسات التعليمية الخاضعة لإشراف الدولة وتؤدى التحية للعمل كل يوم دراسى فى مراحل التعليم قبل الجامعى وذلك وفقا للضوابط والإجراءات التى يحددها وزير التربية والتعليم .
مادة 6 : يحظر رفع أو عرض أو تداول العلم إن كان تالفاً أو مستهلكاً أو باهت الألوان أو بأى طريقة أخرى غير لائقة . كما يحظر إضافة أية عبارات أو صور أو تصاميم عليه . ويحظر استخدامه كعلامة تجارية أو جزء من علامة تجارية .
مادة 7 : مع عدم الإخلال بالاتفاقيات والأعراف الدولية لا يجوز رفع أو استعمال غير العلم الوطنى . وفى الأحوال التى يجوز فيها قانوناً رفع علم آخر يحظر رفعه فى سارية واحدة مع العلم الوطنى ، أو أن يرتفع مستوى أعلى منه .
مادة 8 : يحظر تنكيس العلم فى غير مناسبة حداد وطنى . ويحدد رئيس الجمهورية ضوابط وأوضاع وإجراءات مدة ذلك . ويحظر رفع غير العلم الوطنى فى المناسبات العامة .
مادة 9 : السلام الوطنى تعبير فنى يؤكد مفهوم التضامن الإجتماعى ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بتحديد أوضاع أحوال عزفه مع مراعاة النظم والتقاليد المصرية والأعراف الدولية .
مادة 10 : يجب الوقوف احتراماً عند عزف السلام الوطنى ويؤدى العسكريون التحية العسكرية على النحو الذى تنظمه اللوائح العسكرية . وتعمل أجهزة التعليم قبل الجامعى على نشر الثقافة المستفادة من عبارات النشيد القومى المصاحبة للسلام الوطنى .
مادة 11 : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تجاوز 30 ألف جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فى مكان عام أو بواسطة إحدى الطرق العلانية المنصوص عليها فى المادة 71 من قانون العقوبات أى من الافعال التالية . إهانة العلم أو مخالفة حكم المادة العاشرة من هذا القانون . وتضاعف العقوبة فى حالة العود .
مادة 12 : هذا القانون يلغى القانون رقم 7 لسنة 1941 بشأن رفع العلم الوطنى وأعلام الدول الأجنبية والقانون رقم 144 لسنة 1984 بشأن العلم المصرى كما يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون .
مادة 13 : ينشر هذا القانون بالجريدة الرسمية ويعمل به اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره .
 

مشروع قانون التصالح مع مخالفات البناء بعد مراجعته من مجلس الدوله

نص مشروع قانون التصالح مع مخالفات  البناء بعد مراحعته بمجلس الدولة
وافق قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدى العجاتى نائب رئيس مجلس الدولة بحضور رئيس المكتب الفنى المستشار الدكتور محمد جميل نائب رئيس مجلس الدولة على مشروع قانون مخالفة البناء.
اكد مصدر ان المشروع تم مراجعته بعد الاطلاع على الدستور وعلى قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية والمرافعات المدنية والتجارية والزراعة مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 و نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 و الطيران المدني الصادر بالقانون رقـم 28 لسنة 1981 و حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 و البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 و القانون رقم 33 لسنة 2014 في شأن الإسكان الاجتماعي.
وجاء نص المادة الأولى بيجوز التصالح على الأعمال التي ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء قبل العمل بهذا القانون، فيما عدا ما يأتي:
1- الأعمال التي تخل بالسلامة الإنشائية للبناء.
2- التعدي على خطوط التنظيم المعتمدة.
3- المخالفات الخاصة بأماكن إيواء السيارات.
4- تجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني.
5- البناء على الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار.
6- البناء على الأراضي أملاك الدولة.
7- البناء على الأراضي خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة.
8- البناء على الأراضي الزراعية.
وتنص المادة الثانية يقدم طلب التصالح من ذوى الشأن مرفقاً به إيصال سداد رسم فحص قدره خمسة آلاف جنيه خلال مدة لا تجاوز سنة من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون إلى الوحدة المحلية أو الجهة الإدارية المختصة بالتخطيط والتنظيم في تطبيق أحكام قانون البناء المشار إليه وذلك بحسب الأحوال.
ويتعين على الوحدة المحلية والجهة الإدارية المختصة إنشاء سجلات خاصة تُقيد فيها طلبات التصالح والإجراءات والقرارات التي تتخذ بشأنها , وإعطاء صاحب الشأن ما يفيد تسلم طلبه ورقمه.
ويترتب على تقديم طلب التصالح على النحو المشار إليه وقف نظر الدعاوى وتنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة بشأن الأعمال المخالفة محل هذا الطلب لحين البت فيه.
وتنص المادة الثالثة: تُشكل بكل وحدة محلية وجهة إدارية مختصة لجنة فنية أو أكثر من غير العاملين بهما برئاسة مهندس استشاري تخصص هندسة إنشائية وعضوية اثنين على الأقل من المهندسين أحدهما مدني والآخر معماري.
ويصدر بتشكيل هذه اللجان وتحديد مكافآتها قرار من المحافظ أو رئيس الجهة الإدارية المختصة.
وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد ومعايير اختيار رئيس وأعضاء اللجنة والضوابط والإجراءات التي تتبعها في مباشرة اختصاصاتها.
اما المادة الرابعة فتختص اللجنة المشار إليها بالمادة السابقة بالبت في طلبات التصالح، وللجنة أن تكلف صاحب الشأن بتقديم تقارير هندسية عن السلامة الإنشائية للبناء وغيرها من المستندات اللازمة للبت في هذا الطلب، على أن تنتهي من أعمالها خلال مدة لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ تقديم الطلب مستوفياً للأوراق المطلوبة.
ويكون للجنة الموافقة على طلب التصالح على المخالفة مقابل أداء مبلغ يقدر بمثل قيمة الأعمال المخالفة, وتُحدد اللائحة التنفيذية أسس وقواعد تحديد قيمة الأعمال المخالفة ،على أن تقدر القيمة المتوسطة لتكاليف إنشاء المتر المسطح وفقاً لقانون البناء المشار إليه.
ويُعفى من يتقدم بطلب التصالح خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون من أداء قيمة تعادل نسبة 15 % من مقابل التصالح المقرر .
وتُعفى الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة من أداء المقابل المشار إليه.
المادة الخامسة: يترتب على موافقة اللجنة على طلب التصالح على المخالفة وسداد المقابل المقرر انقضاء الدعاوى الجنائية والإدارية المتعلقة بموضوع المخالفة، وإلغاء ما يتعلق بها من قرارات وحفظ هذه المخالفات إذا لم يكن قد تم التصرف فيها, وتعتبر الموافقة على طلب التصالح بمثابة ترخيص للأعمال المخالفة محل هذا الطلب ومنتجاً لأثاره.
ويترتب على الموافقة على طلب التصالح في حالة صدور حكم بات في موضوع المخالفة وقف تنفيذ الحكم والعقوبة المقضي بها0
وفي جميع الأحوال لا يترتب على قبول التصالح على المخالفة أي إخلال بحقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية.
المادة السادسة: في حالة رفض طلب التصالح على المخالفة، يصدر قرار من المحافظ أو رئيس الجهة الإدارية المختصة باستكمال الإجراءات التنفيذية اللازمة لإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة بالعقار وفقاً لأحكام قانون البناء المشار إليه.
المادة السابعة : تؤول كافة المبالغ المحصلة طبقاً لأحكام هذا القانون إلى الخزانة العامة ، وتوزع على النحو الآتي:
50% لصالح صندوق تمويل الإسكان الاجتماعي وتخصص للصرف منها على أغراضه.
20% لصالح صندوق تطوير العشوائيات المنشأ بقرار رئيس الجمهورية رقم 305 لسنة 2008 وتخصص للصرف منها على أغراضه.
15% لصالح الخزانة العامة للدولة.
10% لصالح الوحدات المحلية وتخصص لإنشاء جراجات متعددة الطوابق داخل نطاق الوحدة المحلية.
5% لصالح الوحدة المحلية أو الجهة الإدارية المختصة يصرف ما لا يجاوز 50% منها على نفقات ومكافآت اللجنة المنصوص عليها بالمادة الرابعة من هذا القانون, وغير ذلك من أوجه الصرف المتعلقة بمباشرة اللجنة لأعمالها ، وذلك طبقاً للضوابط التي يضعها المحافظ أو رئيس الجهة الإدارية المختصة.
(المادة الثامنة )
يجوز لذوي الشأن التظلم من قرار اللجنة برفض طلب التصالح خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطارهم بالقرار, وذلك إلى لجنة التظلمات المنصوص عليها بالمادة (111) من قانون البناء المشار إليه ، ووفقاً للقواعد والإجراءات المحددة والمبينة فيه.
( المادة التاسعة )
لا يخل التصالح بالدعوي الجنائية أو التأديبية ضد الموظفين أو المسئولين عن عدم اتخاذ الإجراءات لمنع هذه المخالفات.
(المادة العاشرة )
يصدر الوزير المختص بالإسكان اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال شهر من تاريخ العمل به.
(المادة الحادية عشرة )
يُنشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره.

السبت، 14 مارس 2015

تقادم الأوراق التجاريه الكمبياله ،الشيك ،السند الأذنى


التقادم الصرفي – تقادم الأوراق التجارية "الكمبيالة ، السند الأذني ، الشيك" – قرينة الوفاء – حالات الدفع بالتقادم – حالات عدم قبول الدفع بالتقادم.

التقادم الصرفي

تمهيد:
        يقصد بالتقادم مرور الزمن الذي يمنع من المطالبة أو الرجوع.
وتتقادم الحقوق والديون والسندات التنفيذية وسائر الالتزامات - وفقاً للقواعد العامة - بمضي 15 سنة على نشوء تقادم الدين، وأساس فكرة يستند إلى قرينة الوفاء، فمن يسكت عن المطالبة بالحق أو استيفاء الدين مدة طويلة من الزمن، يفترض فيه أنه قد استوفى ذلك الحق أو قبض ذلك الدين أو إنه متنازلاً عنه.
وهكذا الحال بالنسبة للتقادم الصرفي (أي تقادم الورقة التجارية: سواء أكانت كمبيالة أو سند أذني أو شيك) فالتقادم فيها مبني أيضاً على قرينة الوفاء، وإن كان المشرع قد جعل مدد التقادم الصرفي (أي تقادم الأوراق التجارية) مدداً أقصر بكثير من التقادم المدني (العادي)، والمقصود منه التهوين على الملتزمين في الورقة التجارية حتى لا تظل ذممهم مشغولة بالالتزام طوال مدة التقادم الطويل، كما أن المشرع يهدف إلى حث الدائنين على المبادرة إلى المُطالبة بحقوقهم في أقرب وقت، لأن هذه السرعة تقتضيها طبيعة المعاملات التجارية، فضلاً عن أنه من غير المألوف أن يسكت الدائن في الورقة التجارية عن المطالبة بحقه لمدة طويلة.

النصوص القانونية:
وقد نص المشرع - في قانون التجارة - على مدد مختلفة (وكلها قصيرة) لتقادم الأوراق التجارية، وتفصيلها كالتالي:
بالنسبة للكمبيالة و السند الأذني
        نص المشرع في المادة 465 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن تتقادم الدعاوى الناشئة عن الكمبيالة:
-       تجاه قابلها بمضي "ثلاث سنوات" من تاريخ الاستحقاق.
-   وتتقادم دعاوى الحامل قِبل المظهرين وقِبل الساحب بمضي "سنة" من تاريخ الاحتجاج المحرر في الميعاد القانوني أو من تاريخ الاستحقاق إذا اشتملت الكمبيالة على شرط الرجوع بلا مصاريف.
-   وتتقادم دعاوى المظهرين قِبل بعضهم البعض وقِبل الساحب بمضي "ستة أشهر" من اليوم الذي أوفي فيه المظهر الكمبيالة أو من يوم إقامة الدعوى عليه.
-   وتنص المادة 470 من قانون التجارة على أن: "تسري على السند لأمر أحكام الكمبيالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه ما ماهيته، وتسري بوجه خاص الأحكام المتعلقة بالمسائل الآتية: ... التقادم ...".
وبالنسبة للشيك
نص المشرع في المادة 531 من قانون التجارة على أن:
-   تتقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمة الشيك بمضي "ستة أشهر" من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه.
-   وتتقادم دعوى حامل الشيك على المسحوب عليه بمضي "ثلاث سنوات" من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه.
-   وتتقادم دعاوى رجوع الملتزمين بعضهم على البعض الآخر بمضي "ستة أشهر" من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم قيمة الشيك أو من يوم مطالبته قضائياً بالوفاء.
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون التجارة الجديد (رقم 17 لسنة 1999) ما نصه: "عالج المشرع في المادة 531 مسألة تقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على نحو مساير لطبيعة الشيك باعتباره أداة وفاء، فإذا لم يتمكن الحامل من ذلك، كان عليه أن يستعمل حقه في الرجوع في مواعيد قصيرة، لذلك خفض المشرع مدة تقادم دعاوى رجوع الحامل على الساحب والمُظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمة الشيك، إذ حددها بستة أشهر، تحسب من تاريخ تقديمه للوفاء إذا تقدم به الحامل، أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه إذا لم يتقدم به".
وينتج عن تقادم الدين أو السند انقضاء الالتزام القانوني، وإن كان ينشأ عنه التزام طبيعي، وفقاً للقواعد العامة (ولكنه لا يجوز المطالبة به قانوناً).
        وبالنسبة للشيك، فإنه يجوز لحامل الشيك – رغم تقادم دعوى المطالبة بقيمته وفقاً للتقادم الصرفي القصير – أن يرجع على الساحب بدعوى مدنية بأصل الدين للمطالبة برد ما أثرى به الساحب على بغير وجه حق على حساب حامل الشيك. حيث تنص المادة 532 من قانون التجارة على أنه: "يجوز لحامل الشيك رغم تقادم دعوى المطالبة بقيمته أن يطالب الساحب الذى لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم استرده كله أو بعضه برد ما أثرى به بغير وجه حق، وكذلك يجوز للحامل توجيه هذه المطالبة إلى كل مظهر يحقق إثراء بغير وجه حق".

التقادم مبني على قرينة الوفاء:
        حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 378 من القانون المدني (الشريعة العامة للمعاملات) على أن: "ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم ... أن يحلف اليمين على انه أدى الدين فعلاً. وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصراء بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء".
فحقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها، تتقادم بسنة واحدة، والتقادم هنا مبني رأساً على قرينة الوفاء. ومن ثم فقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة 378 مدني على المدين الذي يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة، أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، فإن نكل، فقد انقضت قرينة الوفاء، وبقى الحق قائماً للدائن أن يستوفيه. وكذلك التقادم الخاص بالدعاوى الناشئة من الكمبيالات والسندات الأذنية ونحوها من الأوراق التجارية، فهو يقوم على قرينة الوفاء. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث – بند 592 – صـ 809 وهامش 1 بذات الصفحة).
ولكن لما كان القانون يفرض هنا – نظراً لقصر مدة التقادم – أن المدين قد وفى الحق في خلال سنة من وقت استحقاقه، فقد جعل هذه القرينة قابلة لإثبات العكس عن طريق توجيه القاضي لليمين، من تلقاء نفسه، إلى المدين، فيحلف على أنه أدى الدين فعلاً، فإذا حلف سقط الدين بالتقادم، وإذا نكل عن الحلف، ثبت الدين في ذمته، ووجب عليه وفائه، ولا يتقادم هذا الدين بعد ذلك إلا بخمس عشرة سنة من وقت صدور الحكم أو من وقت النكول إذا لم يصدر حكم. (لطفاً، المرجع: وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 608 – صـ 855).
        فالتقادم الصرفي يقوم على "قرينة الوفاء" المستفادة من السكوت عن المطالبة طوال المدة المقررة. ولكن هذه القرينة يجوز دحضها وإثبات عكسها بإقرار المدين بعدم الوفاء، إذ أن هذا الإقرار يفضي إلى سقوط دلالة قرينة الوفاء، وينبني على ذلك أنه لا يجوز للمدين أن يتمسك بالتقادم إذا أقر بوجود الدين وعدم الوفاء به، وهذا الإقرار قد يكون صريحاً أو ضمنياً، ويُستخلص الإقرار الضمني بوجه خاص: إذا أنكر المدين وجود الدين أو إذا تمسك بأي دفع لا يتفق مع قرينة الوفاء، كالدفع بالإبراء أو المقاصة أو البطلان أو صورية الدين. (لطفاً، المرجع: "الأوراق التجارية" – للدكتور/ عبد الحميد الشواربي – صـ 380).
وقد كان قانون التجارة القديم يسلك نفس نهج القانون المدني حيث كان يبني التقادم في الأوراق التجارية على قرينة الوفاء، حيث كانت المادة 194 من قانون التجارة الملغي تنص على أن: "كل دعوى متعلقة بالكمبيالات أو السندات التي تحت إذن وتعتبر عملاً تجارياً، أو بالسندات التي لحاملها أو بالأوراق المتضمنة أمراً بالدفع، أو بالحوالات الواجبة الدفع بمجرد الإطلاع عليها وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية يسقط الحق في إقامتها بمضي خمس سنين اعتباراً من اليوم التالي ليوم حلول الدفع أو من يوم عمل البروتستو أو من يوم آخر مرافعة بالمحكمة إذا لم يكن صدر حكم أو لم يحصل اعتراف بالدين بسند منفرد، وإنما على المدعى عليهم تأييد براءة ذمتهم بحلفهم اليمين على أنه لم يكن في ذمتهم شيء من الدين إذا دعوا للحلف، وعلى من يقوم مقامهم أو ورثتهم أن يحلفوا يميناً على أنهم معتقدون حقيقة أنه لم يبقى شيء مستحق من الدين".
      ومؤدى ذلك، أن المشرع بنى التقادم في الأوراق التجارية على قرينة الوفاء، شريطة أن يحلف الملتزم أو من يقوم مقامه أو ورثته ببراءة ذمته إذا دعي إلى ذلك. فمن أغراض التقادم أن يكون قرينة على الوفاء، فالدين الذي مضت عليه مدة التقادم يغلب في الواقع أن يكون قد وفي، والمشرع يجعل من هذا الواقع الغالب حقيقة قانونية، فالتقادم طريق للإثبات، أو بالأحرى طريق إعفاء من الإثبات (إعفاء المدين من إثبات أنه أوفى الدين)، أكثر منه سبباً لانقضاء الالتزام.  

من أحكام محكمة النقض في التقادم الصرفي وقرينة الوفاء

* "بناء التقادم المصرفي المنصوص عليه فى المادة 194 من قانون التجارة على قرينة الوفاء، مشروط بعدم وجود ما ينفى هذه القرينة، وتقدير ما إذا كان المدين قد صدر منه ما ينقض قرينة الوفاء هو من مسائل الواقع التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع. ومتى كانت المطعون ضدها - وارثة المدين - قد تنازلت عن الدفع بالجهالة واقتصرت على التمسك بالدفع بتقادم الدين وانتهت إلى استعدادها لحلف اليمين المنصوص عليها فى المادة 194 من قانون التجارة فان - الدائنة - إذا لم تطلب توجيه اليمين فى هذه الحالة، وقضت المحكمة بسقوط الديون بالتقادم فلا وجه لتعييب حكمها فى هذا الخصوص ".
(نقض مدني رقم 30 لسنة 30 قضائية – جلسة 26/11/1964 مجموعة المكتب الفني – السنة 15 – صـ 1082).

* "تقدير ما ينقض قرينة الوفاء التى يقوم عليها التقادم الصرفي ـ هو على ما جرى به قضاء محكمة النقض - من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع".
(نقض مدني في الطعن رقم 227 لسنة 31 قضائية – جلسة 22/3/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 618 – فقرة 3).

        * "مفاد نص المادة 194 من قانون التجارة أن التقادم الخمسي المنصوص عليه فيها إنما يقوم على قرينة قانونية هي أن المدين أوفى بما تعهد به، ويُشترط لقيام هذه القرينة ألا يصدر من المدين ما يُستخلص منه أن ذمته لا تزال مشغولة بالدين، كأن يعترف صراحة أو ضمناً بأنه لم يسبق له الوفاء بالدين. وتمسك المدين ببطلان التزامه لعدم مشروعية سببه يتضمن إقراراً منه بعدم وفائه بهذا الدين، ومن ثم فإنه لا يجوز له مع إبدائه هذا الدفاع أن يدفع بسقوط حق الدائن في المطالبة بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة".
(نقض مدني في الطعن رقم 199 لسنة 35 قضائية – جلسة 24/4/1969 مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – صـ 685).

* "من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة بني على قرينة الوفاء، فإن ذلك مشروط بعدم وجود ما ينفي هذه القرينة".
(نقض مدني في الطعن رقم 30 لسنة 36 قضائية – جلسة 30/4/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 756).

* "من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة بني على قرينة الوفاء، فإن ذلك مشروط بعدم وجود ما ينفي هذه القرينة".
(نقض مدني في الطعن رقم 28 لسنة 36 قضائية – جلسة 11/6/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 1038). 

        * "الدفاع بالتقادم الصرفي دفع موضوع يدفع به المدين فى الورقة التجارية مطالبة الدائن بحق تنشئة هذه الورقة، فلا يقبل من الطاعن وهو المستفيد - وليس المدين - أن يتمسك بهذا الدفع".
        (نقض مدني في الطعن رقم 1675 لسنة 56 قضائية – جلسة 30/10/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 597 – فقرة 2).

* "من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة بني على قرينة الوفاء، فإن ذلك مشروط بعدم وجود ما ينفي هذه القرينة".
(نقض مدني في الطعن رقم 3026 لسنة 61 قضائية – جلسة 4/1/1993).

* "التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 نوفمبر 1883 – المنطبق على وقائع الدعوى – يقوم على قرينة قانونية هي أن المدين أوفى بما تعهد به، باعتبار أنه من الملتزمين في الورقة التجارية الذين توجه إليهم دعوى الصرف، ويكون من حقه التمسك بالتقادم الصرفي تأييد دفاعهم ببراءة ذمتهم بحلف اليمين على أنه لم يكن في ذمتهم شيء من الدين إذا دعوا للحلف، وعلى من يقوم مقامهم أو ورثتهم أن يحلفوا يميناً على أنهم معتقدون حقيقة أنه لم يبق شيئاً مستحقاً من الدين، مما لازمة أنه يشترط لإعمال هذه القرينة ألا يصدر من أي منهم ما يستخلص منه عدم حصول الوفاء بالدين".
(نقض مدني في الطعن رقم 698 لسنة 69 قضائية – جلسة 26/6/2001).



* "الأصل فى الالتزام - مدنياً كان أو تجارياً - أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدني، إلا أن المشرع التجاري خرج على هذا الأصل وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية، ويستند هذا التقادم الخمسي على قرينة الوفاء، إذ قدر المشرع أن سكوت حامل الورقة التجارية عن المطالبة بحقه مدة خمس سنوات يفترض معه أنه أستوفى حقه، وهذا التقادم أوردته المادة 194 من قانون التجارة التى مفادها أن التقادم الخمسي الوارد فيها يقتصر تطبيقه على الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية وهي الكمبيالة بدون قيد والسند الأذني والسند لحامله والشيك متى أعتبر كل منها عملاً تجارياً. أما عبارة "و غيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" و التى وردت بهذا النص فهي - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعنى الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجارى لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجارى. وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول أي ورقة مستقلة بنفسها وأن يبين منها بمجرد الإطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائي لا يدع محلاً للمنازعة والتي يتداولها التجار بينهم تداول النقد بدلاً من الدفع النقدي فى معاملاتهم التجارية أي تتضمن دفع مبلغ معين من النقود فى أجل معين ويمكن نقل ملكيتها من إنسان لآخر بتظهيرها أو بتسليمها بغير حاجة إلى إجراء آخر يعطل تداولها أو يجعله متعذراً، وينبني على ذلك أن التقادم الخمسي لا ينطبق على الفواتير التى تحمل بياناً لقيمة البضاعة التى اشتراها التاجر ومذيلة بتوقيع المدين فقط ولا على السند الأذني أو السند لحامله إذا كان الدين الثابت بهما معلقاً على شرط واقف، فى حين أنه ينطبق على الأوراق التجارية المعيبة أو الناقصة التى تتوافر فيها خصائص الورقة التجارية وتكون صادرة لأعمال تجارية، لأنها تعتبر أوراقاً تجارية طبقاً للمادة 108 من قانون التجارة. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر وأعتبر الإيصال موضوع الدعوى المتضمن استلام الطاعن من مورث المطعون عليها مبلغاً معيناً من النقود لاستغلاله فى الأعمال التجارية ليس من قبيل الأوراق المحررة لأعمال تجارية بالمعنى المقصود فى المادة 194 من قانون التجارة وقضى برفض الدفع بسقوط الحق فى المطالبة بقيمته فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون".
(نقض مدني في الطعن رقم 535 لسنة 45 قضائية – جلسة 23/3/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – الجزء الأول – صـ 852 – الفقرة 1). 



نفس الحكم في قانون التجارة الكويتي
        من المُقرر أن التقادم في سائر الأوراق التجارية، إنما يقوم على "قرينة الوفاء"، أي أن المشرع افترض أن الدائن قد استوفى حقه من المدين، وإن كان المشرع قد اعتبر "قرينة الوفاء" هذه دليلاً غير كامل فرأى تعزيزها باليمين المُتممة الذي يحلفها المدين على أن ذمته بريئة من الدين المطالب به.
        حيث نص المشرع في المادة 505 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: "يجب على المدعى عليهم بالدين، رغم انقضاء مدة التقادم، أن يعززوا – باليمين – براءة ذمتهم من الدين إذا طُلِبَ إليهم حلفها".
        ومؤدى ذلك، إن من أغراض التقادم أن يقوم قرينة على الوفاء، فالدين الذي مضت عليه مدة التقادم يغلب في الواقع أن يكون قد وُفِىَ، والمشرع يجعل من هذا الواقع الغالب حقيقة قانونية، فالتقادم طريق للإثبات أو بالأحرى طريق "إعفاء من الإثبات" (إعفاء المدين من إثبات أنه أوفى الدين) أكثر منه سبباً لانقضاء الالتزام. لذا، فالتقادم الخاص بالدعاوى الناشئة من الكمبيالة والسندات الأذنية ونحوهما من الأوراق التجارية إنما تقوم على "قرينة الوفاء"، فإذا نقضت، بقي الحق قائماً للدائن أن يستوفيه. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث – بند 592 – صـ 809 وهامش 1 بذات الصفحة).
        فالتقادم الصرفي يقوم على "قرينة الوفاء" المستفادة من السكوت عن المطالبة طوال المدة المقررة. ولكن هذه القرينة يجوز دحضها وإثبات عكسها بإقرار المدين بعدم الوفاء، إذ أن هذا الإقرار يفضي إلى سقوط دلالة قرينة الوفاء، وينبني على ذلك أنه لا يجوز للمدين أن يتمسك بالتقادم إذا أقر بوجود الدين وعدم الوفاء به، وهذا الإقرار قد يكون صريحاً أو ضمنياً، ويُستخلص الإقرار الضمني بوجه خاص: إذا أنكر المدين وجود الدين أو إذا تمسك بأي دفع لا يتفق مع قرينة الوفاء، كالدفع بالإبراء أو المقاصة أو البطلان أو صورية الدين. (لطفاً، المرجع: "الأوراق التجارية في القانون الكويتي" – للدكتور/ حسني حسن المصري – الطبعة الأولى – بند 366 – صـ 594 وما بعدها).

من أحكام محكمة التمييز الكويتية في التقادم الصرفي وقرينة الوفاء

        * "لا يُقبل دفاع المدين بالتقادم إذا تناقض هذا الدفاع مع ما افترضه المشرع بمقتضى قرينة الوفاء، كأن ينكر الدين أصلاً أو يطعن عليه بالبطلان لأي سبب من الأسباب التي لا تتفق مع حصول الوفاء، كانعدام السبب أو عدم المشروعية أو الدفع بالتزوير أو الإنكار. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن وإن كان قد تمسك بتقادم الالتزام إلا أنه أسس ذلك على إنكار الدين المطالب به لانتفاء علاقته بالمطعون ضده الدائن، وهو يناقض قرينة الوفاء، وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه برفض الدفع بالتقادم لقيامه على غير قرينة الوفاء، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس".
(الطعن بالتمييز رقم 39 لسنة 1982 تجاري – جلسة 7/7/1982.
والطعن بالتمييز رقم 130 لسنة 1983 تجاري – جلسة 12/6/1985.
والطعن بالتمييز رقم 242 لسنة 1996 تجاري – جلسة 24/3/1997).

        * "إذا تناقض دفاع المدين مع ما افترضه المشرع بمُقتضى قرينة الوفاء، كأن ينكر الدين أصلاً أو يطعن عليه بالبطلان لأي سبب من الأسباب التي لا تتفق مع حصول الوفاء، كان دفعه بانقضاء الالتزام بالتقادم غير مقبول".
(الطعن بالتمييز رقم 42 لسنة 1995 تجاري – جلسة 7/1/1996).

        * "المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التقادم الصرفي يقوم على قرينة الوفاء بالدين، أي افتراض أن الدائن قد استوفى حقه من مدينه، وأن المشرع اعتبر هذه القرينة دليلاً غير كامل فرأى تعزيزها - إذا طلب الدائن ذلك - بيمين متممة يحلفها المدين على أنه ليس في ذمته شيء من الدين. وعلى ذلك إذا تناقض المدين مع ما افترضه المشرع بمقتضى هذه القرينة، كأن ينكر الدين أصلاً أو يطعن عليه بالبطلان لأي سبب من الأسباب التي لا تتفق مع حصول الوفاء، كان دفعه بانقضاء الالتزام الصرفي بالتقادم غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن وإن كان قد تمسك بالتقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة 550 من قانون التجارة إلا أنه أسس ذلك على إنكار الدين المطالب به مدعياً إنه لم يسبق له الحصول على أي قرض من المطعون ضده الأول وإنه كان وقت تحرير الشيكين خارج الكويت وإنه يطعن على وجود القرض بالبطلان لعدم استلامه أية مبالغ مما يبطل هذين الشيكين وهو أمر يناقض قرينة الوفاء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدفع بالتقادم الصرفي لقيامه على ما يناقض قرينة الوفاء فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس".
        (الطعن بالتمييز رقم 364 لسنة 2004 تجاري/2 – جلسة 13/4/2005).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،


 

الاصابه الخطأ فى ضوء قضاء النقض

الاصابه الخطأ فى ضوء قضاء النقض 
ركن الخطأ فى جريمة الاصابة الخطأ

متى كان الحكم قد أسس خطأ المتهم بالإصابة الخطأ على إسراعه فلا يؤثر فى قيام هذا الخطأ أن يكون الطاعن قد إنحرف إلى يساره أو إلى يمينه ، كما أنه فى حدود تقدير محكمة الموضوع أن تفصل فيما إذا كان إنحراف المتهم إلى اليسار من شأنه أن يؤدى أو لا يؤدى إلى مفاداة الحادث و هل أخطأ بهذا الإنحراف أو لم يخطئ .(١)
لا يلزم لتوقيع عقوبة المادة 238 عقوبات أن يقع الخطأ الذى يتسبب عنه الإصابة بجميع صوره التى أوردتها هذه المادة بل يكفى لتحقق الجريمة أن تتوافر صورة واحدة منها . و على ذلك فإنه لا جدوى للطاعن من النعى على الحكم فساده فى الإستدلال على جهله بقيادة السيارات بعدم وجود رخصة قيادة لديه ما دام الحكم قد أثبت عليه صورة أخرى من صور الخطأ هى قيادة السيارة بسرعة شديدة و هو ما يكفى لحمل قضاء الحكم .(٢)
يصح فى القانون أن يقع الحادث بناء على خطأين من شخصين مختلفين و لا يسوغ فى هذه الحالة القول بأن خطأ أحدهما ينفى المسئولية عن الآخر ، إذ يصح أن يكون الخطأ مشتركاً بين شخصين مختلفين أو أكثر .(٣)
تقدير توافر السببية بين الخطأ و الإصابة ، أو عدم توافرها ، هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع و بغير معقب عليها ، ما دام تقديرها سائغاً ، مستنداً إلى أدلة مقبولة و لها أصلها فى الأوراق . و إذ كان ذلك و كان الحكم قد خلص فى منطق سائغ و تدليل مقبول ، إلى أن ركن الخطأ الذى نسبه إلى الطاعن يتمثل فى عدم تحققه من سلامة المارين فى الطريق العام حال قيادته لسيارة نقل تقطر سيارة أخرى ثقيلة دون إعتبار أو حيطة منه لتحركها ، فلم يوفر المسافة الكافية بينه و بين العربة النقل التى تسير فى نفس إتجاهه ، عند إجتيازه لها ، فإصطدمت بها السيارة المقطورة ، مما أدى إلى وقوع الحادث ، و هو ما يوفر قيام ركن الخطأ فى جانبه . (٤)
يكفى للعقاب على جريمة الإصابة الخطأ أن تتوافر صورة واحدة من صور الخطأ التى أوردتها المادة 244 من قانون العقوبات .(٥)
إن الخطأ فى الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم ، و من ثم فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة فى جريمة الإصابة الخطأ أن يبين فضلاً عن مؤدى الأدلة التى إعتمد عليها فى ثبوت الواقعة ، عنصر الخطأ المرتكب و أن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل صحيح ثابت فى الأوراق ، و إذ كان ذلك ، و كان ما أورده الحكم فى مدوناته لا يبين من عناصر الخطأ الذى وقع من الطاعن ذاك أن مجرد مصادمة الطاعن للمجنى عليه بالسيارة قيادته لا يعتبر دليلاً على الخطأ ، فضلاً عن أن الحكم لم يستظهر سلوك الطاعن أثناء قيادة السيارة و لم يبين موقف المجنى عليه و كيفية عبوره الطريق ليتسنى بيان مدى قدرة الطاعن فى الظروف التى وقع فيها الحادث على تلافى إصابة المجنى عليه و أثر ذلك كله على قيام رابطة السببية و إنتفائها ، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه .(٦)
من المقرر أن المادة 169 عقوبات لا تنطبق إلا على الحوادث التى من شأنها تعويض الأشخاص الموجودين فى القطارات و غيرها من وسائل النقل العامة للخطر و أنه يشترط لإنطباق الفقرة الثانية من هذه المادة أن تنشأ عن الحادث وفاة أو إصابة أحد الأشخاص الموجودين بوسيلة النقل - لما كان ذلك - و كان الحكم قد أورد أسباباً سائغة تفيد عدم إطمئنان المحكمة إلى أن إصابة المجنى عليه قد حدثت أثناء وجوده بالسيارة الأوتوبيس لدى حصول الحادث و كانت الطاعنة لا تجادل فى أن ما ذهبت إليه المحكمة له معينه بالأوراق - لما كان ذلك - فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق فى حق المطعون ضده نص الفقرة الأولى من المادة سالفة البيان دون الفقرة الثانية منها و أعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات فى شأن الجرائم الثلاث التى دانه بها و كانت العقوبة التى أوقعها على المطعون ضده تدخل فى نطاق العقوبة المنصوص عليها فى المادة 244 من ذلك القانون بإعتبارها الجريمة الأشد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون و من ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .(٧)
إن مجرد إعتراض السيارة ليلاً للطريق الصحراوى الذى وقع فيه الحادث خطأ يستوجب مسئولية صاحبه .(٨)

من المقرر أنه لا يلزم للعقاب أن يقع الخطأ الذى يتسب عنه الإصابة بجميع صوره التى أوردتها المادة 244 من قانون العقوبات بل يكفى لتحقق الجريمة أن تتوافر صورة واحدة منها ، لما كان ذلك ، و كان ما قاله الحكم تبريراً لقضائه بإدانة الطاعن مؤداه أنه لم يكن يقظاً و حذراً عند قيامه بالقطار فتحرك به قبل إتمام غلق الأبواب و لم يتوقف فور سماعه الإستغاثة و أنه لو كان يقظاً و تنبه للحادث لتوقف فى الحال و هو فى بدء حركته و تفادى الحادث الذى وقع بجوار مقدم القطار حيث مكان وجود السائق ، يسوغ به القول بتوافر ركن الخطأ - و من ثم فلا جدوى للطاعن من التحدى بأن الخطأ لا يثبت فى حقه إلا إذا كان ما صدر عنه مخالفاً للائحة السكة الحديد فحسب ما دام الحكم قد أثبت توافر ركن الخطأ فى حقه إستناداً إلى الصور التى أوردها و التى منها عدم الإحتراز و عدم الإنتباه على الوجه بادى الذكر و ما يكفى وحده لإقامة الحكم . (٩)
من المقرر أنه يصح فى القانون أن يكون الخطأ الذى أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم و المجنى عليه . فلا ينفى خطأ أحدهما مسئولية الآخر كما أن الأصل أن خطأ المجنى عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لا يترتب عليه إنتفاء الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم . (١٠)
من المقرر أن الخطأ المشترك فى نطاق المسئولية الجنائية - بفرض قيامه - لا يخلى المتهم من المسئولية بمعنى أن خطأ المجنى عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام الخطأ لم يترتب عليه إنتفاء الأركان القانونية لجريمة الإصابة الخطأ المنسوبة إلى المتهم و هو ما لم يتحقق فى الدعوى المطروحة .(١١)

رابطة السببية فى جريمة الاصابة الخطأ

العلاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب و تربط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفه لفعله إذا أناه عمداً أو خروجه فيماً يرتكبه بخطئه عن دائرة التبصر بالعواقب العادية لسلوكه و التصون من أن يلحق عمله ضرراً بالغير ، و هذه العلاقة مسألة موضوعية بحتة - لقاضى الموضوع تقديرها ، و متى فصل فى شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه - فإذا كان الحكم قد دلل بأدلة مؤدية على اتصال فعل المتهم بحصول الجرح بالمجنى عليه اتصال السبب بالمسبب ، فانه لا يقبل من المتهم المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض .(١٢)

لما كان الحكم الإبتدائى - فى حدود ما هو مقرر لمحكمة الموضوع من حق فى وزن عناصر الدعوى و أدلتها - قد إستظهر رابطة السببية بين الضرر الثابت من خطأ الطاعن و بين ما إنتهت إليه حال المجنى عليه من إصابته بالعاهة المستديمة بما أورده من أنه " لو أجرى الفحوص الطبية قبل إجراء الجراحة و تبين منها أن المريض مصاب ببؤرة قيحية لإمتنع عن إجراء الجراحة و لو أنه أجرى الجراحة فى عين واحدة - لتمكن من تلافى أى مضاعفات قد تحدث له و لما تسبب فى إفقاده إبصار كلتا عينيه " . كما رد على دفاع الطاعن فى شأن إنتفاء رابطة السببية بقوله : " و حيث أن المحكمة لا تطمئن إلى دفاع المتهم من أن ما حدث للمدعى بالحق المدنى إنما جاء نتيجة حساسية إصابته فى عينيه ، و هو أمر يخرج عن إرادة الطبيب المعالج ذلك أنه حتى على فرض أن المريض قد فاجأته الحساسية بعد الجراحة - فإن ذلك يكون ناشئاً من عدم التأكد من خلو جسده من البؤر الفاسدة قبل إجراء العملية و لو كانت العملية أجريت على عين واحدة لتبين الطبيب ما يمكن تلافيه من حساسية أو مضاعفات حدثت فى العين الأولى " ، كما أن الحكم المطعون فيه أورد من تقرير الطبيب الشرعى الأخير أن خطأ الطاعن على نحو ما سلف بيانه نقلاً عن هذا التقرير - قد عرض مورث المطعون ضدهم للمضاعفات السيئة فى العينين معاً فى وقت واحد و أن الطاعن يحمل مسئولية النتيجة التى إنتهت إليها حالة المريض - و كان الطاعن لا ينازع فى صحة ما نقل الحكم المطعون فيه من ذلك التقرير - فإن مؤدى ما أثبته الحكم من ذلك أنه قد إستظهر خطأ الطاعن و رابطة السببية بينه و بين النتيجة التى حدثت بمورث المطعون ضدهم من واقع التقارير الفنية بما مفاده أن الحالة المرضية لهذا الأخير لم تكن تستدعى الإسراع فى إجراء الجراحة و أن الطاعن - و هو أستاذ فى فنه - بما له من مكانة علمية و طول خبرة فنية كان يتعين عليه أن يتوقع حدوث المضاعفات بعينى المريض عقب الجراحة التى أجراها له و قد كان من مقتضى حسن التبصر و التحرز ألا يغيب هذا عنه خاصة فى ظل الظروف و الملابسات التى إجريت فيها الجراحة ، و هو ما يكفى و يسوغ به تدليل الحكم على توافر رابطة بين الخطأ و الضرر ، و من ثم فلا محل لتعييب الحكم بالقصور فى هذا الصدد .(١٣)

لما كان من المقرر أنه يجب قانوناً لصحة الحكم فى جريمة القتل أو الإصابة الخطأ أن يبين فيه وقائع الحادث و كيفية حصوله و كيفية الخطأ المنسوب إلى المتهم و ما كان عليه موقف كل من المتهم و المجنى عليه حين وقوع الحادث و كانت رابطة السببية كركن من أركان هذه الجريمة تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجانى و مساءلته عنها طالما كانت تتفق و السير العادى للأمور . كما أن خطأ المجنى عليه يقطع رابطة السببية متى إستغرق خطأ الجانى و كان كافياً بذاته لإحداث النتيجة . لما كان ذلك ، و كان الحكم لم يبين مؤدى الأدلة التى إعتمد عليها فى ثبوت عنصر هذا الخطأ إذ لا يوفره مجرد إستعمال المتهم قائد السيارة للسرينة و الفرامل و إصطدام المجنى عليه بجانب السيارة أو سقوطه على الأرض دون إستظهار كيفية وقوع الحادث و بحث موقف المجنى عليه الذى كان مندفعاً من الطريق الجانبى كيفية سلوكه ليتسنى من بعد بيان متى قدرة المتهم قائد السيارة فى الظروف التى وقع فيها الحادث على تلافى وقوعه و أثر ذلك كله فى قيام أو عدم قيام ركن الخطأ و رابطة السببية و من ثم فإن الحكم لا يكون قد بين الواقعة و كيفية حصولها بياناً كافياً يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى .(١٤)

الحكم الصادر بالعقوبة تطبيقاً للمادة 208 من قانون العقوبات ، يجب أن تذكر فيه وقائع الحادثة ، و كيفية حصولها ، و كنه الإهمال و عدم الإحتياط المنسوبين إلى المتهم ، و ما كان عليه موقف كل من المجنى عليه و المتهم ، حين وقوع الحادثة . فإذا خلا الحكم من ذكر هذه البيانات تعين نقضه .(١٥)

إن القانون يستلزم لتوقيع العقاب فى جرائم الإصابات غير العمدية أن تكون هناك صلة مباشرة بين الخطأ الذى وقع من المتهم و الإصابة التى حدثت بالمجنى عليه . و إذن فإذا كان الدفاع عن المتهم قد تمسك بإنعدام رابطة السببية المباشرة بين ما وقع منه و إصابة المجنى عليه ، فإنه يجب على المحكمة ، إذا لم تر الأخذ بهذا الدفاع ، أن تضمن حكمها الرد عليه بما يفنده ، و إلا كان الحكم قاصراً .(١٦)

إن القانون لا يشترط لقيام الإصابات غير العمدية إلا أن يكون الضرر ناشئاً عن خطأ يرتكب و يكون هو السبب فيه و لو كان ثمة عوامل أخرى من شأنها أن تساعد على حدوثه . فإذا كان الظاهر مما أورده الحكم أن رابطة السببية بين خطأ سائق السيارة و بين الحادث متوافرة ، إذ هو قد سار بسيارته غير محتاط و لا متحرز و مخالفاً للوائح بسيره إلى اليسار أكثر مما يستلزمه حسن قيادة السيارة ، فوقع الحادث ، فلا ينفى مسئوليته أن يكون المجنى عليه قد ساعد على ذلك أيضاً بأن إندفع إلى جهة السيارة فسقط بالقرب من دواليبها .(١٧)

يجب قانوناً لصحة الحكم فى جريمة الإصابة الخطأ أن يذكر الخطأ الذى وقع من المتهم و كان سبباً فى حصول الإصابة ، ثم يورد الأدلة التى إستخلصت المحكمة منها وقوعه ، و إلا فإنه يكون مشوباً بالقصور و يتعين نقضه .(١٨)
إن تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ و الضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة و لها أصلها فى الأوراق ، و كان يكفى لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم و الضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر .(١٩)

مجرد الإنحراف من جهة إلى أخرى لا يعتبر دليلاً على الخطأ إلا إذا لم يكن هناك ما يبرره لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد إتخذ من مجرد إجتياز الطاعن السيارة التى أمامه و إنحرافه أقصى اليمين ما يوفر الخطأ فى جناية دون أن يستظهر ماهية الحيطة و الحذر اللذين ساء له عن قعوده عن إتخاذها و مدى العناية التى فاته بذلها ، ليتسنى - من بعد - بيان مدى قدرته على تلافى الحادث و أثر ذلك على قيام أو عدم قيام ركن الخطأ و توافر رابطة السببية أو إنتفائها ، فإنه يكون معيباً بالفساد فى الإستدلال و القصور . (٢٠)
هامش الحواشي

^ ( الطعن رقم 1171 سنة 21 ق ، جلسة 1952/3/25 )مكتب فنى 03 صفحة رقم 638 بتاريخ 25-03-1952
^ ( الطعن رقم 2357 لسنة 31 ق ، جلسة 1962/5/7 )مكتب فنى 13 صفحة رقم 453 بتاريخ 07-05-1962
^ الطعن رقم 1995 لسنة 37 مكتب فنى 19 صفحة رقم 107 بتاريخ 29-01-1968
^ ( الطعن رقم 403 لسنة 41 ق ، جلسة 1971/5/24 )مكتب فنى 22 صفحة رقم 420 بتاريخ 24-05-1971
^ الطعن رقم 1566 لسنة 42 مكتب فنى 24 صفحة رقم 180 بتاريخ 11-02-1973
^ ( الطعن رقم 552 لسنة 44 ق ، جلسة 1974/6/2 )مكتب فنى 25 صفحة رقم 536 بتاريخ 02-06-1974
^ ( الطعن رقم 28 لسنة 45 ق ، جلسة 1975/2/16 )مكتب فنى 26 صفحة رقم 151 بتاريخ 16-02-1975
^ الطعن رقم 0208 لسنة 39 مكتب فنى 20 صفحة رقم 817 بتاريخ 02-06-1969
^ الطعن رقم 1543 لسنة 48 مكتب فنى 30 صفحة رقم 79 بتاريخ 11-01-1979
^ الطعن رقم 0652 لسنة 49 مكتب فنى 30 صفحة رقم 954 بتاريخ 19-12-1979
^ الطعن رقم 3782 لسنة 59 مكتب فنى 40 صفحة رقم 1018 بتاريخ 21-11-1989
^ الطعن رقم 1261 لسنة 30 مكتب فنى 11 صفحة رقم 904 بتاريخ 13-12-1960
^ الطعن رقم 1566 لسنة 42 مكتب فنى 24 صفحة رقم 180 بتاريخ 11-02-1973
^ الطعن رقم 0609 لسنة 50 مكتب فنى 34 صفحة رقم 209 بتاريخ 08-02-1983
^ الطعن رقم 0413 لسنة 03 مجموعة عمر 3ع صفحة رقم 44 بتاريخ 28-11-1932
^ الطعن رقم 1785 لسنة 13 مجموعة عمر 6ع صفحة رقم 327 بتاريخ 01-11-1943
^ الطعن رقم 1264 لسنة 14 مجموعة عمر 6ع صفحة رقم 508 بتاريخ 12-06-1944
^ الطعن رقم 1090 لسنة 15 مجموعة عمر 6ع صفحة رقم 773 بتاريخ 22-10-1945
^ الطعن رقم 3782 لسنة 59 مكتب فنى 40 صفحة رقم 1018 بتاريخ 21-11-1989
^ ( الطعن رقم 6521 لسنة 56 ق ، جلسة 1987/4/8 )مكتب فنى 38 صفحة رقم 587 بتاريخ 08-04-1987

الأربعاء، 11 مارس 2015

مبالغ التغطيه التأمينه للاضرار الناشئه عن الحوادث فى ظل قانون التأمين الإجبارى رقم ٧٢ لسنه ٢٠٠٧



 مبالغ التغطيه التأمينه للاضرار الناشئه عن الحوادث فى ظل قانون التأمين الإجبارى رقم ٧٢ لنه ٢٠٠٧

    تكفلت الماده الثامنه من قانون التامين الاجباري الجديد رقم 72 لسنه 2007 بتحديد انواع هذه التغطيه التاميني وفقا  لشرائح مبالغ تامينيه محدده تلتزم شركات التامين بتأديتها الي المضرور حيث نصت تلك الماده علي :

" تؤدي شركة التامين المبلغ المحدد عن الحوادث المشار اليها في الماده الاولي (1) من هذا القانون ( حوادث السيارات ) الي المستحق او ورثته و ذلك دون الحاجه الي اللجوء الي القضاء في هذا الخصوص و يكون مبلغ التامين الذي تؤديه شركة التامين قدره اربعون الف جنيها في حالات الوفاه او العجز الكلي المستديم و يحدد مقدار مبلغ التامين في حالات العجز الجزئي المستديم بمقدار نسبة العجز كما يحدد مبلغ التامين عن الاضرار التي تلحق بممتلكات الغير بحد اقصي قدره عشرة الاف جنيها و يحدد مجلس ادارة الهيئه المصريه للتامين كيفيه و شروط اداء مبلغ التامين المستحق في كل حاله من الحالات المشار اليها علي ان يصرف مبلغ التامين في مده لا تجاوز شهرا من تاريخ ابلاغ شركة التامين بوقوع الحادث " .

     و علي هذا يمكن تقسيم مبلغ التامين الملتزمه شركات التامين باداءه الي المضرور من الحادث ، شريطه ان تكون المركبه المتسببه في الحادث مؤمن عليها اجباريا لدي هذه الشركه و وثيقة التامين ساريه وقت الحادث ، و ان يكون الحادث قد وقع في ظل وثيقة تامين مبرمه بعد العمل بالقانون الجديد أي بعد شهر من تاريخ نشره علي الوجه التالي :

-  مبلغ اربعون الف جنيه في حالة الوفاة او العجز الكلي المستديم  .

-  يحدد مقدار مبلغ التامين في حالات العجز الجزئي المستديم بمقدار نسبة العجز .

-  يحدد مبلغ التامين عن الاضرار التي تلحق بممتلكات الغير بحد اقصي قدره عشرة الاف    جنيها .

و تلتزم الشركه المؤمن لديها علي المركبه المتسببه في الحادث بصرف مبلغ التامين المناسب في موعد لا يجاوز شهرا من تاريخ ابلاغ الشركه بالحادث .

- احقية المضرور في اكمال مبلغ التعويض من المتسبب في الحادث :

   و قد يثور تساؤل عما اذا كان المضرور قد اصابة اضرار ماديه و معنويه تزيد عن تلك الشرائح المحدده في هذه الماده ، فهل يجوز الزام شركة التامين بزياده هذالمبالغ ؟ ام يجب الرجوع هنا علي المسبب في الحادث ؟ .

       اجابت عن هذا التساؤل الماده التاسعه من القانون فنصت علي .

" للمضرور او ورثته اتخاذ الاجراءات القضائيه قبل المتسبب عن الحادث و المسئول عن الحقوق المدنيه بما يجاوز مبلغ التامين " .

   و علي ذلك لا يجوز مطالبة شركة التامين المختصه بمبالغ تامين ازيد من المبالغ المنصوص عليها بالماده الثامنه ، و يقتصر حق المضرور في زياده هذه المبالغ في الرجوع مباشره علي المتسبب في الحادث بدعوي تكملة مبلغ التامين هذا الي مبلغ التعويض المناسب ، و الجدير بالذكر هنا ان تلك الدعوي الاخيره تخضع لاحكام التعويض الوارده بالقانون المدني و تستمد عناصرها من هذا القانون كما تتقيد ايضا بما يسفر عن الفصل في الدعوي الجنائيه وفقا لنص الماده 456 اجراءات جنائيه .  

- تقادم الحق في المطالبه بمبلغ التأمين و تقادم الحق في المطالبه بالتعويض :

    لاشك ان هناك فروق كبيره بين تقادم الحق في المطالبه بمبلغ التامين من الشركه المؤمن لديها اجباريا علي السياره مرتكبة الحادث و تقادم الحق في المطالبه بمبلغ التعويض التكميلي نوضحها علي الوجه التالي :

- أ - تقادم دعوي المطالبه بالتامين "

     و في شأن تقادم الحق في المطالبه بقيمة ( مبلغ التأمين ) من شركه التامين المختصه في حال امتناعها عن صرف مبلغ التامين المحدد في الماده الثامنه  فقد نصت الماده 15 من ذات القانون الجديد علي  :

" تخضع دعوي المضرور في مواجهة شركة التأمين للتقادم المنصوص عليه في الماده 752 من القانون المدني :

و قد احال المشرع هنا في مده تقادم هذه الدعوي ذلك الشأن الي الماده 752 من القانون المدني  التي جري نصها علي :  

"  تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى .

(2) ومع ذلك لا تسرى هذه المدة :

أ. فى حالة إخفاء بيانات متعلقة بالخطر المؤمن منه ، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو غير دقيقة عن هذا الخطر إلا من اليوم الذى علم فيه المؤمن بذلك .

ب. فى حالة وقوع الحادث المؤمن منه إلا من اليوم الذى علم فيه ذوى الشأن بوقوعه " .

و من الواضح هنا ان المشرع في الماده  15 من القانون الجديد قصد  بالدعوي التي تخضع للتقادم هي دعوي المطالبه بقيمه مبلغ التأمين وفقا للشرائح المحدده بالماده 8 من القانون .

- ب - تقادم دعوي المطالبه بتكملة التعويض :

     اما عن تقادم دعوي تكملة مبلغ التامين من المتسبب في الحادث فهي هنا دعوي تعويض عاديه تخضع لاحكام تقادم دعاوي التعويض في القانون المدني ، و قد جري النص في الماده 172 من القانون المدني علي " تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه . وتسقط هذه الدعوى في كل حال ، بانقضاء خمس عشرة سنه من يوم وقع العمل غير المشروع.

(2) على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة ، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة ، فان دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية ".

- ما هو ميعاد رفع دعوي المطالبه بالتامين و دعوي المطالبه بالتعويض ؟ :

-أ- ميعاد رفع دعوي المطالبه بمبلغ التامين .

       اوضحنا ان  حق المضرور في تلقي مبلغ التأمين من شركة التأمين المؤمن لديها اجباريا علي السياره مرتكبه الحادث يكون في حدود المبالغ المحدده بالماده 8 من القانون و هذا هو الاصل الذي لا يتطلب ثمة اجراءات قضائيه سوي تقديم طلب لشركة التمين المؤمن لديها اجباريا علي المركبه المتسببه في الحادث ، اما اذا امتنعت الشركه عن صرف المبلغ الي المضرور بعد ابلاغها بالحادث و استفاء اجراءات طلب صرف مبلغ التامين ، فهنا يجوز للمضرور رفع دعواه امام المحكمه الواقع بدائرتها مقر الشركه الرئيسي او احد فروعها و هي هنا المحكمه الجزئيه بحسبان ان قيمة المطالبه لن تزيد عن مبلغ الاربعين الف جنيها و هو النصاب القيمي لاختصاص هذه المحكمه ، و تكون دعوي مطالبه بقيمه مبلغ التعويض وفقا للشرائح المحدده بالماده الثامنه و يلاحظ هنا ان المحكمه المدنيه المرفوع امامها دعوي المطالبه هذه لن تتقيد في هذه الحاله بنص الماده 456 اجراءات جنائيه التي تشترط ان يكون الحكم الجنائي في الدعوي المدنيه اصبح نهائيا ، وان شرط قبول هذه الدعوي يتطلب سابقة تقديم شهادة بيانات السياره مرتكبة الحادث التي تبين شركة التامين  و الانذار او الطلب المقدم الي الشركه بالصرف و الذي يفيد امتناعها .

- ب- ميعاد رفع دعوي المطالبه بمبلغ التعويض التكميلي  .

     اما ميعاد رفع دعوي المضرور بتكملة مبلغ التعويض من المتسبب في الضرر فيثبت له الحق في اقامة هذه الدعوي من تاريخ وقوع الحادث مع مراعاه تحديد قيمة مبلغ التعويض التكميلي حسب نوع الضرر بعد خصم مبلغ التامين المبين في الماده الثامنه من قانون التامين الاجباري الجديد ، و لا تثور مشكله في تحديد هذا المبلغ في حالة الوفاه او العجز الكلي المستديم حيث مبلغ التامين محدد باربعون الف جنيها ، فالمحكمه هنا تبحث في تكمله المبلغ الي التعويض الذي تراه مناسبا في ضوء طلبات المضرور و عناصر المسؤليه و ما لحقه من ضرر و ما فاته من كسب و كافة ظروف الدعوي الاخري ، و لكن تثور المشكله حين يطالب المضرور بتكمله مبلغ التامين الي المبلغ المناسب من التعويض عن الاصابه بالعجز الجزئي المستديم او الاضرار التي تصيب ممتلكاته ، و هنا اري ان المحكمه التي ستقضي بالتعويض باتت مقيده بما ستنتهي اليه اولا شركة التامين من تحديد مبلغ التامين المناسب لتلك الاضرار حسب نسبة هذا العجز ، و هو الامر الذي من المرجح ان تقضي معه المحكمه بوقف الدعوي لحين قيام المضرور بصرف مبلغ التامين النهائي الخاص بنوع هذا الضرر .  

من المتلتزم بتغطيه التعويض عن حوادث السيارات الغير مؤمن عليها و المجهوله :

     ثار تساؤل اخر هام بالنسبة للحوادث التي تقيد ضد مجهول ولم يتم التعرف علي السياره مرتكبة الحادث او شركة التامين المؤمنه لديها اجباريا او اذا كانت السياره معلومه و لكن غير مؤمن عليها اجباريا او حوادث السيارات المعفاه من التامين الاجباري  ؟ .

و قد اجابت عن هذه التساؤلات المادة (20) من القانون فنصت علي :  

" ينشأ صندوق حكومى وفقا لنص المادة (24) من القانون رقم 10 لسنة 1981 لتغطية الاضرار الناجمة عن حوادث مركبا النقل السريع فى الحالات الاتية :

1  - عدم معرفة المركبة المسئولة عن الحادث

2 - عدم وجود تأمين على المركبة لصالح الغير0

3- حوادث المركبات المعفاة من اجراءات الترخيص0

4- حالات اعسار شركة الـتأمين كليا او جزئيا0

5- الحالات الاخرى التى يصدر بها قرار من مجلس ادارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين0  

ويؤدى الصندوق مبلغ التأمين للمستحقين طبقا للمادة ( من هذا القانون ويحق له فى الحالات المنصوص عليها فى البندين (2 ,3) من الفقرة السابقة الرجوع على مالك السيارة او المركبة او المتسبب فى الضرر بقيمة مبلغ التأمين الذى اداه0

و من خلال قراءة هذا النص يتضح انه قد تضمن انشاء صندوق حكومي يختص بتغطيه الاضرار الناتجه عن حوادث السيارات في حالة عدم معرفة السياره مرتكبة الحادث او عدم وجود تأمين علي السياره او السياره المعفاه من اجراءات الترخيص او حالات اعسار شركة التأمين و كذا الحالات الاخري التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس ادارة الهيئه المصريه للرقابه علي التأمين و يؤدي هذا الصندوق مبلغ التأمين المستحق وفقا للماده الثامنه من القانون ، و الملاحظ ان هذا النص مستحدث و في صالح المضرور و هو واضح و لا حاجه لتفسيره ، اما  اذا ما وقعت حادثه علي هذا النحو و توافرت في شأنها احدي الحالات المنصوص عليها بتلك الماده و امتنع الصندوق المشار اليه عن تغطية مبلغ التامين هنا يحق للمضرر رفع دعوي ضد هذا الصندوق بالزامه باداء مبلغ التامين المناسب ، مع ملاحظة انه اذا كان الحادث قد وقع في ظل المدي الزمني لسريان القانون القديم أي كانت الحادثه قبل 29/5/2007 تاريخ العمل بالقانون الجديد لا ينصرف علي الحادث تلك القواعد و يظل خاضعا لاحكام قانون التامين الاجباري القديم و التي لا تغطي تامينيا الاضرار الناتجه عن مثل تلك الحالات .

تساؤل هام : كيف نحدد القانون الواجب التطبيق وقت وقوع الحادث – القانون القديم ام القانون الجديد ؟؟؟

و لنضرب مثلا لتقريب لتوضيح الاجابه علي هذا السؤال الهام :

"  نفترض ان سياره مؤمن عليها اجباريه بموجب وثيقه تامين لدي شركة مصر للتامين في 1/1/2007 لمدة ثلاث سنوات ، اي ان رخصة السياره ساريه و مجدده حتي 31/12/2010 ، ثم ارتكبت هذه السياره حادثه الان 1/5/2009 و ادت تلك الحادثه الي وفاة شخص "

     ففي هذه الحاله تطبق قواعد قانون التأمين الاجباري القديم رقم 652 لسنة 1955 بصرف النظر عن توقيت رفع الدعوي اليوم او غدا او بعد عام طالما لم ينقضي الحق في رفعها ، فالعبره هنا هي بمجال سريان وثيقة التامين علي السياره التي حررت قبل العمل بالقانون الجديد و نص فيها علي تغطية مبلغ التعويض عن الاضرار التي تصيب الغير من السياره لمده ثلاث سنوات ، حيث نصت الماده الخامسه من مواد اصدار قانون التامين الاجباري الجديد رقم 72 لسنة 2007 علي :

" ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به بعد شهر من تاريخ نشره ، على ان يسرى الالتزام المنصوص عليه فى المادة (3) من القانون المرافق اعتبارا من تاريخ انتهاء مجال وثيقة التأمين الاجبارى السارية بالنسبة الى المركبة فى تاريخ العمل بهذا القانون" .. و الالتزام المنصوص عليه في الماده 3 هو حسب نص تلك الماده  " يقع الالتزام باجراء التأمين على مالك المركبة او من يقوم مقامه قانونا " .

     اما عن الاضرار التي تصيب الغير من السيارات المؤمن عليها اجباريا اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون الجديد و سريان وثائق التامين التي ابرمت في ظله ، ففي هذه الحاله علي المضرور اللجوء مباشرة الي شركة التامين المختصه لصرف مبلغ التامين حسب نوع الضرر الذي اصابه مع ملاحظة ان المبلغ الذي يطالب به المضرور هنا شركة التامين هو مبلغ التامين عن الاضرار الذي لحقته و ليس مبلغ تعويض حسبما كان  ينص عليه قانون التامين الاجباري القديم .

تم بحمد الله


الاثنين، 9 مارس 2015

نبذه عن القضاء المستعجل حالاته وشروطه وإجراءاته




نبذة عن القضاء المستعجل حالاته وشروطه وإجراءاته 
لا يوجد في القانون تعريف للقضاء المستعجل، وحسبنا أن نذكر أن القضاء المستعجل يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت، فصلا مؤقتاً لا يمس أصل الحق، وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة، أو صيانة مصالح الطرفين المتنازعين.
المختص بالقضاء المستعجل أساساً هو القاضي الجزئي، ولكن ذلك لا يمنع من رفع المنازعة المستعجلة إلى المحكمة الابتدائية، بطريق التبعية لدعوى موضوعية مطروحة أمامها، وهذه صورة من صور الاختصاص المشترك لا تنفي أن لاختصاص الأصلي بالمنازعات المستعجلة معقود للقاضي الجزئي إذا ما رفع النزاع المستعجل إليه على استقلال سواء قبل رفع الدعوى الموضوعية- أو أثناء قيامها أمام محكمة الموضوع.

شروط اختصاص القاضي المستعجل
ويشترط الاختصاص القاضي المستعجل تحقق الشروط الثلاثة الآتية:

الشرط الأول. توافر ركن الاستعجال أو الخطر:
ومعنى ذلك أن تكون المنازعة مما يخشى عليه من فوات الوقت. وقد عرف الاستعجال بأنه هو الخطر المحدق بالحقوق أو المصالح التي يراد المحافظة عليها- وهو يتوافر كلما وجدت حالة يترتب على فوات الوقت حصول ضرر منها يتعذر تداركه أو إصلاحه.

وللخشية من فوات الوقت مظهران:
المظهر الأول: الخشية من زوال المعالم – ومثال ذلك أن يقوم شخص بإغراق أرض جاره بالمياه بعد أن يكون قد أعدها للزراعة – ويرغب صاحب الأرض في إثبات هذه الحالة فوراً- وظاهر أن فوات الوقت يؤدي إلى جفاف المياه وزوال معالم الواقعة التي يريد صاحب الأرض الاستناد إليها في طلب التعويض مستقبلا.
والمظهر الثاني: هو الخشية من فوات المصلحة أو ضياع الحق –كما في حالة المستأجر الذي يترك العين المؤجرة بعد أن يخربها أو يتلفها- فهذه الحالة لا تزول معالمها بمرور الوقت – ولكن يترتب على البطء في إثباتها تفويت حق المؤجر في الانتفاع بالعين أو تأجيرها للغير.
ففي مثل هذه الأحوال يقتضي الأمر اتخاذ إجراء سريع لا يحتمل الإبطاء، ونتيجة لذلك توصف المنازعة بأنها مستعجلة.
وركن الاستعجال أو الخطر يجب أن يتوافر في جميع المنازعات المستعجلة وإلا كان القاضي المستعجل غير مختص بها، ووجب عرض النزاع في شأنها على القاضي الموضوعي إن كان لذلك محل.

ونلاحظ أخيراً في خصوص ركن الاستعجال ملاحظتين:
1-  أن الاستعجال ينشأ من طبيعة الحق المتنازع فيه أو من الظروف المحيطة به لا من إرادة الخصوم أو رغبتهم في الحصول على حكم سريع ولا من اتفاقهم على اختصاص القاضي المستعجل.
2-  أنه إذا زال الاستعجال أثناء نظر الدعوى فالراجح أن ذلك يزيل اختصاص القاضي المستعجل (وسنعرض لهذه النقطة فيما بعد مرة أخرى).

الشرط الثاني: أن يكون المطلوب في الدعوى المستعجلة هو إجراء وقتي أو تحفظي:
فإذا تضمنت الدعوى المستعجلة طلباً موضوعياً كالحكم بالمديونية أو الملكية أو الحيازة أو البطلان أو الفسخ كان القاضي المستعجل غير مختص بالدعوى (أو على الأقل بالطلب الموضوعي).
إلا أنه يجوز للقاضي المستعجل عندما يعرض عليه طلب موضوعي خارج عن حدود اختصاصه إذا ما قدر أنه ينطوي على طلب وقتي يدخل في اختصاصه أن يغير الطلبات المطروحة في الدعوى بما يتلاءم مع اختصاصه.
وسلطة القاضي المستعجل في تعديل طلبات الخصوم على هذا النحو يعبر عنها في الفقه والقضاء بأن القاضي المستعجل يملك تحوير "الطلبات" وهذا استثناء من مبدأ حياد القاضي الذي يستلزم تقيده بالطلبات المقدمة إليه من الخصوم.
ولكن القضاء استقر على تخويل القاضي المستعجل هذه السلطة- نظراً للطبيعة الخاصة التي يتميز بها اختصاص القاضي المستعجل، وتمشياً مع الأهداف المقصودة من إنشاء هذا النوع من القضاء- وهي تفادي الأخطار المحدقة بمصالح الأفراد أو حقوقهم- خصوصاً وأن القاضي المستعجل لا يقضي إلا بإجراء وقتي ولا يفصل في أصل الحقوق.
وإذا ما تساءلنا عن تأصيل سلطة القاضي المستعجل في تحوير الطلبات نجد أن هذا تطبيق لمبدأ "التحول" في نطاق الطلبات القضائية، فإن من المقرر أن العقد الباطل لتخلف ركن من أركانه إذا تضمن في ثناياه عناصر عقد آخر صحيح فإنه يتحول إلى هذا العقد الصحيح إذا ما تبين أن إرادة المتعاقدين كانت بحيث تتجه إليه. ومثال ذلك أن يبيع شخص لآخر بعقد رسمي عقاراً، ويتبرع له بالثمن، فهذا العقد باطل كبيع، لتخلف ركن الثمن فيه، ولكنه يصح باعتباره هبة ما دامت شروط الهبة متوافرة فيه وهي نية التبرع والرسمية.
فكذلك الطلبات القضائية التي تعرض على القاضي المستعجل إذا ما تبين أن نية المدعي كانت تتجه فيها إلى طلب الحماية الوقتية، فلو طلب المدعي الحكم بأحقيته إلى ملكية عين أو حيازتها (وهذا طلب موضوعي) جاز للقاضي المستعجل أن يحور هذا الطلب إلى طلب وضع العين تحت الحراسة القضائية.
كذلك لو رفعت دعوى بطرد مستأجر من عين معينة وكان ذلك يثير نزاعا موضوعيا، فإنه يجوز للقاضي المستعجل أن يحور طلب الطرد إلى طلب حراسة.
ومن أمثلة ذلك أيضاً أن يطلب من قاضي التنفيذ باعتباره قاضياً مستعجلا الحكم ببطلان حجز (وهذا طلب موضوعي) فيمكن حمل هذا الطلب على أن المدعي إنما يرمي إلى التنفيذ لأن من يطلب الأكثر يطلب الأقل.

الشرط الثالث: ألا يكون من شأن الفصل في الدعوى المستعجلة المساس بأصل حق من الحقوق المدعاة من جانب أحد الطرفين:
وعدم المساس بالحق هو شرط لاختصاص القاضي المستعجل وقيد على سلطته في نفس الوقت.
فلو رفعت دعوى مستعجلة تتضمن مساساً بأصل الحق، فإن القاضي المستعجل يجب أن يحكم بعدم اختصاصه بها- ولو توافر ركن الخطر- ما لم يعمد إلى تحوير الطلبات، ومثال ذلك أن ترفع إليه دعوى بطلب إثبات تزوير عقد –فمثل هذا الطلب موضوعي ويمس أصل الحق، فيجب على القاضي أن يحكم بعدم اختصاصه بالدعوى، وإنما يجوز له أن يحكم بالتحفظ على العقد المطعون عليه بالتزوير وذلك فإيداعه في خزينة المحكمة داخل مظروف مختوم، فمثل هذا الإجراء الوقتي يدخل في حدود اختصاصه.
على أنه إذا رفعت إلى القاضي دعوى مستعجلة وتحقق فيها ركن الاستعجال أو الخطر وكان المطلوب فيها إجراء وقتيا أو تحفظيا- ولكن ثار فيها نزاع جدي- يتوقف على الفصل فيه الحكم في الدعوى المستعجلة بالإجراء الوقتي. وكان هذا النزاع الجدي موضوعيا فإن اختصاص القاضي المستعجل يرتفع أو ينحسر في هذه الحالة، ويتعين عليه أن يقضي بعدم الاختصاص.
وقد يعترض على ذلك بأن القاضي المستعجل متى كان مختصاً في البداية فلا يجوز أن يزول اختصاصه بسبب طارئ بعد رفع الدعوى أو أثناء سيرها، ولكن هذا الاعتراض مردود بأن اختصاص القاضي المستعجل يتحدد على مرحلتين:
فهو في المرحلة الأولى ينحصر في الاختصاص بنظر الدعوى.
وهو في المرحلة الثانية يتمثل في الاختصاص بالحكم في الدعوى.
ومتى انتفى اختصاص القاضي في المرحلة الأولى فإن ذلك يستبعد بداهة الانتقال إلى المرحلة الثانية.
أما إذا توافر الاختصاص بالنظر فإننا ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة الاختصاص بالحكم، فإذا لم يتوافر هذا الاختصاص، وجب على القاضي أن يتوقف وأن يقضي بعدم اختصاصه.

ويتحقق ذلك في صورتين:
أولاهما: أن يزول ركن الاستعجال أو الخطر بعد أن كان متحققا في بداية رفع الدعوى. فإن ذلك يزيل اختصاص القاضي بالحكم فيها-كما لو سدد المستأجر الأجرة أثناء رفع دعوى الطرد المستعجلة فينتفي بذلك الخطر على حقوق المؤجر.
ومن أمثلة ذلك أيضاً أن ترفع دعوى مستعجلة بإثبات حالة ثم يتغيب المدعى والمدعى عليه فيها فتشطب ولا يجددها المدعى إلا بعد مضي فترة طويلة كفيلة بزوال حالة الاستعجال، فهذا التراخي في الدعوى يزيل الاستعجال.
والصورة الثانية: أن يثور أثناء الدعوى نزاع موضوعي ويكون هذا النزاع جدياً والفصل فيه ضرورياً للحكم في الدعوى.
مثال ذلك: أن ترفع دعوى طرد مستأجر بحجة انتهاء عقد إيجاره أو تكون دعوى الطرد مؤسسة على وجود شرط فاسخ صريح وارد في عقد الإيجار وأن هذا الشرط قد تحقق- فيثير المستأجر نزاعاً موضوعياً حول انتهاء عقد الإيجار أو حول وجود الشرط الفاسخ الصريح أو حول تحققه.
ولكن لا يكفي أن يثور نزاع موضوعي أياً كان حتى يزول اختصاص القاضي المستعجل – وإلا لأمكن للمدعى عليه أن يستبعد الاختصاص المستعجل بإثارة أي نزاع جدياً والفصل فيه لازما للحكم في الدعوى المستعجلة، فإن تبين القاضي من ظاهر الأوراق أن النزاع غير جدي فإنه لا يقضي بعدم الاختصاص، ومن أمثلة ذلك على ما ورد في أحد أحكام محكمة النقض من ادعاء المستأجر بأنه استأجر نفس المكان بعقد جديد من وكيل المالك، إذ يتضح أنه ليست هناك وكالة.
ويلاحظ أخيراً أن اختصاص القاضي المستعجل يختلف عن اختصاص أي قاض آخر لأن المحاكم الموضوعية عندما تجد مسألة أولية في الدعوى (أي مسألة يتوقف عليها الفصل في الدعوى) ، وتكون هذه المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة فإنها توقف الدعوى لحين الفصل في المسألة الأولية ويبقى الاختصاص بالدعوى الموقوفة قائماً للمحكمة التي رفعت إليها تلك الدعوى. أما القاضي المستعجل فلا يملك أن يوقف الدعوى لحين الفصل في النزاع الموضوعي –لأن ذلك يزيل ركن الاستعجال ويجعل اختصاصه بعدئذ عديم الفائدة –وإنما يفصل بحسب الظاهر.

مواطن عدم المساس بأصل الحق:
وعدم المساس بأصل الحق كشرط لاختصاص القضاء المستعجل يتمثل في جملة مواطن أن مواضع من الدعوى:
أولها: في الطلبات المعروضة على القاضي: إذ يجب ألا تكون طلبات موضوعية. والطلبات الموضوعية هي التي تتعلق بأصل الحق. ومثالها طلب الحكم بالمديونية أو الملكية أو البطلان أو الفسخ أو براءة الذمة أو سقوط الحق بالتقادم إلى غير ذلك من الطلبات المماثلة.
وثانيها: في بحث المستندات. إذ أن القاضي المستعجل يحكم بحسب الظاهر فلا يجوز له أن يتعمق في بحث المستندات أو أن يقطع في شأنها برأي حاسم أو أن يفسرها سواء كانت عقوداً أو أحكاماً، بل أنه يحكم بحسب ما يبدو له لأول وهلة أو لأول نظرة (أو على حد تعبير محكمة النقض أنه يتحسس المستندات، أي يبحثها بحثاً عرضيا).
فإذا ما تعمق في بحثها أو تطرق إلى تفسيرها فإنه يكون قد جاوز اختصاصه.
وثالث هذه المواضع – هو في تسبيب الحكم: إذ يجب ألا يستند القاضي المستعجل في أسبابه إلى ثبوت الحق أو نفيه بل يجب أن يقتصر على الترجيح بين الاحتمالات دون أن يقطع برأي في أصل الحق، وإلا فإن حكمه يكون مبنياً على أساس فاسد لتجاوزه حد اختصاصه.
ولهذا نجد أن أسباب الأحكام المستعجلة تتردد فيها غالباً عبارة: "وحيث أنه يبدو....." أو "وحيث أن الظاهر من الأوراق أو من الظروف......" فلا يجوز أن يقول القاضي المستعجل: "وحيث أنه قد ثبت....." –لأنه بذلك يكون قد اعتدى على ولاية القاضي الموضوعي ولم يبق شيئاً ليحكم فيه- مع أن القاعدة أن أصل الحق يبقى سليماً محفوظاً يتناضل فيه الخصمان أمام محكمة الموضوع ولا يتأثر بما ورد في الحكم المستعجل.
وسنرى أن من نتائج ذلك اعتبار حجية الحكم المستعجل مؤقتة ونسبية بمعنى أنها لا تؤثر على قضاء الموضوع.
والموضوع الرابع: هو في منطوق الحكم: فلا يجوز للقاضي المستعجل أن ينتهي في قضائه إلى تقرير ثبوت الحق أو نفيه أو إلى إلزام أحد الخصمين بأداء حق إلى الآخر بل كل ما يستطيعه هو الحكم بإجراء مؤقت.
وتظل للإجراء الوقتي المحكوم به صفة الوقتية حتى ولو ترتب عليه ضرر دائم أو ضرر يتعذر تداركه كما في حالة الحكم بالطرد مثلا إذ ما شغلت العين التي طرد منها المستأجر، أو الحكم بالهدم إذا ما تم الهدم، ثم تبين بعد ذلك أمام قاضي الموضوع أن من صدر الحكم بالطرد أو الهدم لصالحه لم يكن محقاً في طلبه من الناحية الموضوعية، فإن تعذر إعادة الحال إلى ما كانت عليه ا ينفي أن الإجراء كان مع ذلك وقتياً، مقصوداً به تدارك الخطر العاجل الذي كان ماثلا أما القاضي المستعجل، مع بقاء أصل الحق سليما.
وتترتب على وجوب امتناع القاضي المستعجل عن المساس بأصل الحق نتيجة هامة، هي أنه لا يجوز له أن يحكم بإحالة الدعوى المستعجلة إلى التحقيق أي أن يسمع شهوداً كما لا يحوز له أن يقضي بتوجيه اليمين الحاسمة أو أن يحقق الادعاء بالتزوير، ولهذا فإن القاضي المستعجل لا يصدر أحكاماً تمهيدية بل ينتهي دائماً إلى القضاء بإجراء وقتي بموجب حكم يختتم به الدعوى دون أن تسبقه أحكام تمهيدية.
وإنما أجيز للقاضي المستعجل أن يقضي بالمعاينة أو يندب خبيراً إذا كان من شأنه هذا الإجراء التحقق من توافر ركن الاستعجال أي باعتبار ذلك وسيلة للتحقق من اختصاص القاضي، ومثال ذلك دعوى ترفع بطلب وقف أعمال الهدم أو البناء في عقار مجاور لأن ذلك يهدد عقار المدعى، فيجوز للقاضي أن يعاين أو أن يندب خبيراً للتثبت من أن هذه الأعمال تهدد عقار المدعى، فإذا تبين له ذلك كان مختصاً، وإلا فإن ركن الخطر ينتفي، وينتفي بذلك اختصاصه.
*****
هذه هي الشروط اللازمة لاختصاص القاضي المستعجل، ويلاحظ أن أي شرط منها لا يغني عن الآخر بل لابد أن تتوفر جميعاً. فلو توافر الاستعجال والخطر، وتبين أن هناك مساساً بأصل الحق كان القاضي المستعجل غير مختص مهما بلغت درجة الخطورة. والعكس صحيح بمعنى أنه لو طلب من القاضي إجراء وقتي ولم يكن في ذلك أي مساس بأصل الحق ولكن انتفى الاستعجال فإنه يكون غير مختص.
ويجدر أخيراً أن نكرر الإشارة إلى أنه لا يكفي اتفاق الطرفين على  اختصاص القاضي المستعجل لأن اختصاصه من النظام العام فهو لا يتولد من إرادة الطرفين بل من طبيعة الخصومة أو المنازعة والإجراء المطلوب فيها.
 
كيفية الالتجاء إلى القضاء المستعجل
يلجأ المتقاضون إلى القضاء المستعجل عن طريق رفع دعوى بصحيفة تودع ثم تعلن متضمنة تكليف الخصم بالحضور إلى المحكمة في جلسة تحدد لذلك، وتعقد هذه الجلسة أمام القاضي المستعجل فيدلي فيها كل من الطرفين بدفاعه ويقدم حجته ويطلع كل منهما على مستندات خصمه ويناقشها أو يمكن من الإطلاع عليها ومناقشتها ثم تنتهي الدعوى بحكم مسبب.
وإذا كان المشرع قد قرر بالنسبة لإشكالات التنفيذ طريقاً خاصاً لرفعها تتميز به عن غيرها من المنازعات القضائية –وهو إبداؤها أمام المحضر شفويا عند حضوره لإجراء التنفيذ –فإن ذلك لا يغير من كيفية سير الخصومة بعد ذلك أمام المحكمة إذ أن إبداء الإشكال أمام المحضر يعتبر بمثابة رفع الدعوى فيجب في هذه الحالة دفع رسوم الدعوى إلى المحضر الذي يتعين عليه إثبات ذلك في محضر التنفيذ وتحديد جلسة لنظر الإشكال أمام قاضي التنفيذ باعتباره قاضياً للأمور المستعجلة - مع تكليف الخصوم بالحضور أمامه في تلك الجلسة - ويعتبر الإشكال مرفوعاً من وقت إبدائه أمام المحضر، فإذا قصر المحضر في رفع الإشكال إلى القاضي عن طريق تحديد جلسة لنظره –جاز للمستشكل تحريك الإشكال بتحديد جلسة وتكليف خصمه بالحضور إليها ولا يعتبر ذلك إشكالا جديداً.
ونرى مما تقدم أن لرفع الدعوى المستعجلة طريقتين (الأولى) هي إعداد صحيفة تودع قلم الكتاب وتعلن مع تكليف الخصم بالحضور أمام المحكمة لسماع الحكم عليه بالطلبات الواردة بالصحيفة، وهذه الطريقة عامة وتتبع بالنسبة لجميع المنازعات المستعجلة – أما الطريقة (الثانية) فهي إبداء المنازعة أمام المحضر عندما تكون هذه المنازعة متعلقة بالتنفيذ أي إشكالا في التنفيذ، وهذه الطريقة خاصة بالإشكالات ولا تتبع بالنسبة لغيرها من الدعاوى المستعجلة، لأنها لا تتسنى إلا في حالة المنازعات المتعلقة بالتنفيذ، التي تقتضي بطبيعتها وجود المحضر في الموقع عند إبداء المنازعة، والتي ترفع إلى قاضي التنفيذ باعتباره قاضياً للأمور المستعجلة.
ويراعى أن رفع الإشكال بهذه الطريقة الخاصة اختياري إذ يجوز لمن يرغب في أن يستشكل في التنفيذ أن يرفع إشكاله بالطريق المعتاد أي بالصحيفة المقيدة المعلنة.
على أنه حتى لو اتبعت هذه الطريقة الخاصة فإن الدعوى المستعجلة تسير بعد رفعها طبقاً للنظام العادي أي تنظر في جلسة علنية يحضر فيها طرفا الخصومة لإبداء دفاعهما مع مجابهة كل منهما للآخر، وتنتهي الدعوى بحكم مسبب، وفي هذا يختلف عمل القاضي المستعجل عن عمل القاضي الوقتي الذي يلجأ إليه أصحاب الشأن بطلبات تقدم على عرائض ينظرها القاضي في خلوته دون استدعاء الخصوم ودون مواجهتهم وبغير دفاع أو مناقشة أو مجابهة، ثم يؤشر القاضي على العريضة بما يراه من إجابة الطلب أو رفضه أو إجابة جزء منه، وكل ذلك دون أسباب وفي غير جلسة علنية ولا تعتبر التأشيرة التي يذيل القاضي بها العريضة حكما، بل تعتبر أمراً صادراً من القاضي الوقتي بناء على سلطته الولائية.
وقد ثار التساؤل عن معيار التفرقة بين الإجراءات الوقتية التي ترفع بها دعوى مستعجلة والإجراءات الوقتية التي تقدم بها عريضة إلى قاضي الأمور الوقتية –والواقع أن العمل هو الذي يحدد الطلبات الوقتية التي تعرض على القاضي الوقتي وتلك التي تعرض على القاضي المستعجل –ما لم يوجد نص يلزم بالالتجاء إلى أحدهما ويحدد الطريق الواجب الإتباع.
ولهذا ينبغي أن نستعرض تطبيقات عملية للقضاء المستعجل.

تطبيقات عملية للقضاء المستعجل
1- التطبيق الأول: دعوى إثبات الحالة:
هي دعوى يقصد منها إلى تهيئة الدليل في دعوى موضوعية مرفوعة فعلا أو سترفع في المستقبل وذلك عندما تحدث واقعة يخشى من زوال معالمها أو من تغيير هذه المعالم بمرور الوقت –ومثال ذلك دعوى إثبات حالة أرض غمرتها المياه قبل أن تنحسر عنها، أو دعوى إثبات حالة حريق أو هدم... الخ.
وفي هذه الأحوال قد يقوم القاضي المستعجل بالمعاينة بنفسه ويحرر بذلك محضراً يثبت فيه ما شاهده في المعاينة. أو يقوم بانتداب خبير لوصف الحالة القائمة، وهذا هو الغالب إذ قلما ينتقل القاضي للمعاينة بنفسه، ومتى تم وصف الحالة القائمة تنتهي الدعوى بذلك ويصدر القاضي حكما بانتهائها.
على أنه إذا قام الخبير تقريراً فمن الجائز مناقشة هذا التقرير والطعن عليه، وقد ينتهي الأمر بتعيين خبير آخر أو بتكليف الخبير نفسه بإكمال عمله إذا تبين أن به نقصاً أو ثمة ما يستدعى استكمالا، وقد ترى المحكمة استدعاء الخبير أمامها لمناقشته في تقريره.
على أن الدعوى تقف على كل حال عند هذا الحد، لأنها تقتصر على تهيئة الدليل، ويحكم القاضي عندئذ بانتهاء الدعوى.   
وغنى عن البيان آن الحكم الذي يصدر في مثل هذه الدعوى يجوز استئنافه ويمكن في الاستئناف طلب ندب خبير آخر أو إعادة المأمورية للخبير لاستيفائها كما يمكن طلب مناقشة الخبير. ويشترط في دعوى إثبات الحال توافر ركن الاستعجال، أي أن تكون الواقعة متغيرة المعالم مع مضي الزمن –فإن كانت المعالم قد زالت فعلا- أو كانت من المعالم الثابتة التي لا تزول بمرور الوقت ولا يترتب على مضي الزمن تفويت مصلحة أو حق نتيجة لذلك – فإن ركن الاستعجال ينتفي في هذه الحالة وتخرج الدعوى من مجال اختصاص القضاء المستعجل، ويجب عندئذ أن يطلب إثبات الحال من القاضي الموضوعي عند رفع الدعوى الموضوعية.

2- التطبيق الثاني: دعوى الحراسة القضائية
الحراسة القضائية هي إجراء تحفظي مؤقت يقصد به إلى وضع المال المتنازع عليه منقولا كان أم عقاراً تحت يد شخص أمين يحافظ عليه ويسلمه لمن يثبت أنه صاحب الحق فيه ويكون للحارس إدارة المال واستغلاله إن كان قابلا لذلك –كمنزل يؤجر أو مصنع يدار- ثم يوزع غلته كلها أو بعضها أو يودعها في خزينة المحكمة لتصرف لمن يثبت له الحق فيها.
ويجب لفرض الحراسة أن يكون هناك نزاع جدي على إدارة المال أو على ملكيته أو حيازته كما هي الحال بالنسبة للأموال الشائعة التي تكون مملوكة لجملة أشخاص إذا قام نزاع بين الشركاء المشاعين حول ملكية المال أو إدارته –وكما هي الحال بالنسبة للتركات- وقد وردت في القانون المدني نصوص متعلقة بالحراسة القضائية (أنظر المادة 730 مدني) وتتضمن هذه النصوص وجوب توافر خطر عاجل حتى يقضي بالحراسة. على أن تقدير هذا الخطر أو هذه الضرورة التي تدعو إلى تعيين حارس قضائي أمر متروك للقاضي المستعجل.
ومن صور الحراسة القضائية ما عرض على القضاء المستعجل من تعيين حارس قضائي على المصعد الكهربائي إذا تعطل. أو على جهاز تسخين المياه في إحدى العمارات الكبيرة إذا امتنع المالك عن تشغيله – وقد تفرض الحراسة على مال معنوي كحق المؤلف أو حق شخصي كحق الإيجار أو على مجموع من المال كالمتجر أو التركة، وإنما الذي لأي يجوز هو وضع الحراسة على مجموع الذمة المالية للشخص، أو أن تكون الحراسة وسيلة إلى اقتضاء الديون، أي طريقاً من طرق التنفيذ، فقد جرى القضاء على رفض طلب الحراسة إذا كان الطالب دائناً يرمي من طلبه إلى تحصيل ديونه أو على تنفيذ التزام شخصي عن طريق فرض الحراسة القضائية –لأن الحراسة ليست طريقاً من طرق التنفيذ. كذلك لا يجوز فرض الحراسة إذا كان ذلك يمس حرية الشخص أو كرامته أو إذا كان العمل المطلوب مما لا يمكن أن يقوم به إلا المدعى عليه نفسه كالحراسة على عيادة طبيب أو مكتب محام.
وقد اختلف الرأي في جواز وضع إحدى الكنائس تحت الحراسة القضائية وقضي بعدم جواز ذلك لأن الحارس القضائي لا يمكن أن يقيم الشعائر الدينية في الكنيسة أو أن يعين من يقيمها (وهناك رأي مخالف).
والحراسة القضائية على كل حال لا تفرض بأمر من قاضي الأمور الوقتية بل لابد من صدور حكم بها من القضاء المستعجل لأنها يعتبر منازعة قضائية.
والمحكمة التي تقضي بفرض الحراسة التي تختار الحارس الذي تعينه وهي التي تحدد مأموريته والتزاماته فيجوز لها أن تصرح له بالإدارة منفرداً أو أن تخضعه في ذلك لرقابة معينة أو أن تخوله سلطات محدودة، كما تملك إلزامه بإيداع الربع كله في خزينة المحكمة أو تصرح له بصرفه كله أو بعضه لمستحقيه. وتقترن الحراسة عادة بتكليف الحارس بتقديم كشوف شهرية أو دورية في قلم كتاب المحكمة، مؤيدة بالمستندات.
وإذا خالف الحارس ما ألزمته به المحكمة جاز عزله وتعيين حارس آخر بدله أو تعيين حارس ثان ينضم إليه ليباشر الحارسان معاً مهمة الحراسة ويكون كل منهما رقيباً على الآخر، فالمحكمة المختصة بتعيين الحارس هي المختصة بعزله أو استبداله إذا اعتذر عن قبول المهمة أو توفي أو جد من الأسباب ما يوجب استبداله حتى لو لم ينسب إليه خطأ أو مخالفة، كما لو عين في منصب يتعذر معه قيامه بالمهمة كما يجب.
ويجوز للقاضي المستعجل إنهاء الحراسة وتسليم الأموال الموضوعة تحت الحارسة إلى أصحابها إذا تغيرت الظروف كما لو انتهى النزاع بينهم قضاء أو رضاء أو اشترى أحدهم حصص الباقين فكل ذلك من اختصاص القضاء المستعجل.

3- التطبيق الثالث: المنازعات بين المؤجرين والمستأجرين:
قد تثير هذه المنازعات اختصاص القاضي المستعجل في الحالات التي يتوافر فيها ركن الخطر أو الاستعجال، ومثال ذلك: أن تكون العين المؤجرة في حاجة إلى ترميمات ضرورية، ويرفض المؤجر إجراء هذه الترميمات فيرفع المستأجر دعوى مستعجلة يطلب فيها التصريح له بإجراء الترميمات على نفقة المؤجر تجنباً للخطر الذي ينشأ عن القيام بها –أو أن تكون العين في حاجة إلى ترميم، ويرفض المستأجر إدخال المؤجر لإجرائه فيرفع المؤجر دعوى بطلب تمكينه من الدخول في العين لإجراء الترميمات إذا تبين أن إجراءها يستلزم دخوله – أو يطلب إخلاء المستأجر مؤقتاً من العين أو من جزء منها لحين إجراء الترميمات ... إلى غير ذلك من المنازعات المستعجلة التي يتبين فيها توافر الخطر والاستعجال.
ومن الصور الهامة التي تعرض على القضاء المستعجل في هذا المجال: "دعوى الطرد المستعجلة" التي يرفعها المؤجر على أساس وجود شرط فاسخ صريح في عقد الإيجاز –وعلى أساس تحقق هذا الشرط. وفي هذه الدعوى يجب أن يستوثق القاضي المستعجل من هذه الأمرين (وجود الشرط الفاسخ الصريح- وتحققه) فإذا تشكك في أحدهما وجب عليه أن يتوقف عن الفصل في موضوع الدعوى يمس أصل الحق – وقد رأينا أنه إذا ثار النزاع جدي موضوعي فإن هذا يمنع اختصاص القاضي المستعجل ولا شك في أن المنازعة في وجود الشرط الفاسخ الصريح أو في تحققه متى كانت جدية فإنها تكون منازعة موضوعية تؤدي إلى تخلف شرط الاختصاص المستعجل مما يتعين معه الحكم بعدم الاختصاص.

4- التطبيق الرابع: دعوى سماع شاهد يخشى عليه:
إذا كان نزاع متوقع أو قائم يستدعى سماع الشهود ويتبين أن أحد الشهود مريض بمرض خطير أو أصيب في حادث بحيث يخشى اقتراب منبته، أو أنه على وشك السفر في رحلة بعيدة طويلة المدى فيمكن لمن يريد استشهاد بهذا الشاهد أن يرفع دعوى مستعجلة يطلب فيها سماع أقوال هذا الشاهد أمام القاضي المستعجل بعد حلف اليمين –ويحفظ المحضر الذي تثبت فيه هذه الشهادة ليقدم فيما بعد كمستند في دعوى الموضوع –وتنتهي الدعوى المستعجلة بذلك، وقد نص المشرع على هذه الدعوى بنص خاص (المادة 222 مرافعات) ولولا وجود هذا النص لما أمكن أن يختص بها القاضي المستعجل أو أن تكون مقبولة.
وقد اشترط المشرع في هذا الصدد أن تكون الواقعة مما يجوز إثباته بشهادة الشهود وأن يتحقق القاضي من وجود ضرورة تدعو إلى ذلك كالخوف على حياة الشاهد أو تعرضه للمخاطر أو سفره في رحلة قد لا يعود منها إلا بعد فوات الأوان أو قد لا يعود منها أبداً.

5- التطبيق الخامس: دعوى طرد الغاصب:
يختص القاضي المستعجل بطرد الغاصب، وهو من يضع يده على عقار مملوك لسواه أو يحوزه سواه دون أن يكون له في ذلك سند قانوني، ووجه اختصاص القضاء المستعجل في هذه الحالة هو أن الغصب في حد ذاته يشكل خطراً على حقوق المالك تنبغي المبادرة على إزالته على أساس أن القضاء المستعجل يختص دائماً برد العدوان البادي على الحقوق وبإزالة العراقيل المادية التي تحول بين المرء وحقه.
والواقع أن الغضب قد يترتب عليه تفويت مصلحة المالك في الانتفاع بملكه على الوجه الذي يراه، وقد يؤدي استمرار الغصب –على كل حال- إلى اكتساب الغاصب لصفة الحائز، ولذلك تعتبر دعوى طرد الغاصب من الدعاوى المستعجلة، ولكن ينبغي فيها ثبوت حق المدعى وأن يفتقر المدعى عليه إلى السند القانوني الذي يبرر وضع يده. فإذا ادعى المدعى عليه أنه يضع يده بناء على سند قانوني ووجد القاضي أن ادعاؤه هذا لا يقوم على أساس من الجد حكم بطرده، أما إذا كان لهذا الادعاء أساس جدي ولو في الظاهر فإن القاضي المستعجل يحكم عندئذ بعدم اختصاصه لأن خوضه في بحث سند المدعى عليه في وضع يده يمس بأصل الحق، وبعبارة أخرى أنه لا يكفي أن تقوم من جانب المدعى عليه منازعة في هذا الشأن حتى يمتنع على القاضي المستعجل نظر الدعوى وإلا لكان معنى هذا ألا يختص القضاء المستعجل بطرد أي غاصب أبداً إذ يكفي الغاصب أن يثير أية منازعة ولو كانت واهية لكي يستبعد اختصاص القضاء المستعجل. وإنما يجب أن تكون هذه المنازعة ظاهرة الجد معززة بالدليل.
ويختص القضاء المستعجل بطرد الغاصب إذا لم يكن له سند أصلا في وضع يده أو إذا كان له سند قانوني وزال. لأن زوال السند يجعل وضع يده غصبا. ومثال ذلك أن يشتري شخص عقاراً ويتسلمه ثم يفسخ عقد البيع أو يقضي ببطلانه ويستمر المشتري واضعاً اليد على العقار. ولذلك يختص القضاء المستعجل بطرد المستأجر إذا انتهى عقده بالفسخ أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء.
ويحكم أيضاً بطرد الغاصب ولو استند إلى إجراء أتضح أنه غير قانوني ومثال ذلك أن يستولى الغاصب على العقار بموجب حكم صادر ضد شخص آخر غير مالك العقار أو حائزه. لأن هذا الأسلوب الملتوي في سلب الحيازة يجعل من حق الحائز للعقار ولو لم يكن مالكا أن يطلب طرد من اغتصب الحيازة منه بهذه الطريقة.
فدعوى طرد الغاصب إذن لا يشترط أن يكون رافعها مالكا للعقار بل يكفي أن يتحقق فيه صفة الحائز أي أن تتوافر له الشروط القانونية اللازمة لاعتباره حائزاً بالمعنى القانوني.
وقد قيل بأنه يجب أن يتوفر في دعوى طرد الغاصب ركن الاستعجال ولكننا نعتقد أن ركن الاستعجال متوافر دائماً كلما تحققت حالة الغصب لأن العدوان على الحق يخلق حالة الخطر ولا يمكن اعتبار السكوت على الغصب فترة من الزمن إقراراً للغصب لأن استمرار الغصب يؤدي إلى تزايد الخطر، ويكفي لتوافر الاستعجال أن يقرر المدعي أنه في حاجة إلى الانتفاع بالعقار ولو كانت رغبته في الانتفاع به قد استجدت وقت رفع الدعوى. ولذلك فإن الاستعجال هنا قائم دائماً وتفرضه ظروف الدعوى نفسها لأن الغصب عدوان ومن وظيفة القاضي المستعجل أن يمنعه وأن يمنع استمراره فلا يزيل ركن الاستعجال إلا أن يكون المغتصب قد انقلب حائزاً بالمعنى القانوني متى توافرت له الشروط اللازمة لوصف وضع يده بأنه حيازة.

6- التطبيق السادس: دعوى التمكين:
يقصد بدعوى التمكين الدعوى التي ترفع لرد الحال إلى ما كانت عليه ومثالها أن يصدر حكم بطرد مستأجر ويتم تنفيذ هذا الحكم ولكن المستأجر يتوصل على إلغائه عن طريق الطعن عليه بالاستئناف مثلا ويصدر حكم الإلغاء بوقف تنفيذ حكم الطرد، فيتقدم المستأجر على القاضي المستعجل طالبا الحكم بتمكينه من العودة إلى شغل المكان الذي طرد منه.
ومثال ذلك أيضاً أن يقضي بهدم مسقى ويتم تنفيذ الحكم وهدم المسقى ولكن يلغي الحكم بعد ذلك استئنافياً فيتقدم المنتفع بالمسقى إلى القضاء المستعجل بطلب تمكينه من إعادة الحال إلى ما كانت عليه أي بإعادة حفر المسقى التي هدمت.
وما يقال بالنسبة لإلغاء الحكم في الاستئناف يقال أيضاً بالنسبة لنقض الحكم إذا ما طقن عليه بطريق النقض وقررت محكمة النقض قبول الطعن ونقض الحكم. ويصدق ذلك أيضاً في حالة صدور حكم مشمول بالنفاذ رفع طلب بوقف نفاذه فبادر صاحب المصلحة إلى تنفيذه ثم صدر الحكم بوقف تنفيذه مما يؤدي إلى عدم الاعتداد بما تم من أعمال التنفيذ وإلى اعتبار هذه الأعمال عدوانا أو أعمالا مادية ليس لها أثر قانوني، ما دامت قد تمت أثناء نظر طلب وقف النفاذ وهو ما يقتضي إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ.
وتسمى هذه الدعوى عملا دعوى التمكين. والغرض منها هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه، ما دام. ذلك ممكناً، كما لو كانت العين (التي طرد منها المستأجر في مثالنا السابق) لم تشغل بعد أو شغلها المالك نفسه الذي حصل على حكم الطرد. أما إذا تم تأجير العين لشخص آخر، فلا يجوز في هذه الحالة الحكم بالتمكين لن الغير قد تعلق له بها حق. فالحكم بالتمكين يؤدي إلى المساس بحق ذلك الغير، ومن ثم لا يكون القضاء المستعجل مختصا بالدعوى في تلك الحالة حتى لو ادعى طالب التمكين بصورية حق ذلك الغير أو بأنه متواطئ مع المالك للإضرار بحقوقه، لأن البت في أمر الصورية أو الغش يعتبر فصلا في أصل الحق فلا يملكه إلا قاضي الموضوع.
وتشتبه دعوى التمكين بدعوى طرد الغاصب في حالة ما إذا توصل شخص إلى الاستيلاء على عقار ووضع يده عليه بطريق الحيلة أي عن طريق تنفيذ حكم صادر على غير المستأجر أو على غير الحائز، فترفع الدعوى هنا على من قام بتنفيذ ذلك الحكم، بتمكين المستأجر أو الحائز من العودة إلى العقار أي إعادة وضع يده عليه. ولكن دعوى التمكين تستعمل غالبا في حالة إلغاء الأحكام بعد تنفيذها فيكون الغرض منها هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ، على اعتبار أن ما تم من أعمال التنفيذ لا يعدو أن يكون أثراً من آثار الحكم الملغي فيزول بزواله وتهبط تلك الأعمال إلى مستوى الأعمال المادية أو تعتبر عملا من أعمال القوة التي يختص القضاء المستعجل دائما بردها ومنع استمرارها الذي يؤدي إلى تزايد الضرر الناشئ عنها بمضي الوقت، فهي إذن من الحالات التي يخشى عليها من فوات الوقت، وبهذه المثابة يختص بها قاضي الأمور المستعجلة (العادي) كما أن من الممكن أن يقال بأنها تعتبر من إشكالات التنفيذ، على تقدير أن تنفيذ حكم الإلغاء يقتضي إلغاء إجراءات تنفيذ الحكم الملغي – وهو ما يسمى أحياناً في العمل باسم "التنفيذ العكسي" وعلى أساس هذا التخريج يمكن إسناد الاختصاص بدعوى التمكين في هذه الحالة إلى قاضي التنفيذ.

الاختصاص النوعي والمحلي للقاضي المستعجل
أولا: الاختصاص النوعي:
القاضي المستعجل هو قاض جزئي. وتستأنف أحكامه على المحكمة الكلية. ولكن المشرع قرر أنه في المدن التي توجد بها محكمة كلية يندب أحد قضاة المحكمة الكلية لنظر المنازعات المستعجلة (الخاصة بهذه المدينة) ويباشر عمله في مقر المحكمة الكلية. ولكن هذا لا يؤثر في طبيعة اختصاص القاضي المستعجل، لن وجوده في مقر المحكمة الكلية لا ينفي أنه قاض جزئي، أما تجميع المنازعات المستعجلة التي تثور في سائر أنحاء المدينة أمامه فهو ليس غلا توزيعا للعمل بحسب المكان أي أنه يتعلق بالاختصاص المكاني أو المحلي لا بالاختصاص النوعي، وكل ذلك لا يؤثر على طبيعة عمله وأنه يباشر ولايته بصفته قاضياً جزئياً.
أما في خارج دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الكلية فلا شبهة، لأن الاختصاص بالمنازعات المستعجلة مسند إلى المحكمة الجزئية بنص المادة 45 مرافعات فقرة (2).
على أنه يراعى أن المنازعة المستعجلة قد ترفع بطريق التبعية لدعوى موضوعية قائمة أمام محكمة الموضوع التي قد تكون محكمة ابتدائية، وتستأنف أحكامها – (سواء أكانت صادرة في موضوع الدعوى أو في الطلب المستعجل المقترن بها والتابع لها) – إلى محكمة الاستئناف العليا.
وفي هذه الحالة يثور التساؤل عما إذا كان ذلك يؤثر على الاختصاص النوعي بالمنازعات المستعجلة بمعنى أن يعتبر قضاء الأمور المستعجلة قضاء نوعياً له طبيعة خاصة تجعله تارة مسنداً للقاضي الجزئي وتارة إلى المحكمة الكلية.
والجواب على ذلك أن هذه صورة من صور الاختصاص المشترك لا تؤثر في القاعدة الأصلية وهي أن النزاع المستعجل إذا رفع مستقلا فإنه يرفع على القاضي الجزئي، سواء أكانت هناك دعوى موضوعية قائمة أو لم تكن، وسواء أكانت هذه الدعوى الموضوعية من اختصاص المحكمة الكلية أو غيرها طالما أن المنازعة المستعجلة مرفوعة على استقلال.
غير أن اختصاص القاضي الجزئي بالدعوى المستعجلة إذا رفعت على استقلال –لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع بالطلبات المستعجلة إذا ما رفعت إليها بطريق التبعية وذلك تأسيساً على أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع.
وقد نصت على ذلك المادة (45) من قانون المرافعات الجديد وهو نفس ما كان ينص عليه قانون المرافعات القديم في المادة (49).
على أنه يلاحظ في حالة تقديم الطلب المستعجل إلى محكمة الموضوع أن هذه المحكمة قد تكون محكمة جزئية فلا يختلف الوضع لأن الطلب المستعجل سيعرض عندئذ على القاضي الجزئي سواء رفع على استقلال أو بطريق التبعية للدعوى الموضوعية، وإنما تبدو المفارقة إذا كانت دعوى الموضوع معروضة أمام محكمة ابتدائية ورفع الطلب المستعجل تبعاً لها – كطلب عارض سواء من جانب المدعي أو المدعى عليه – ففي هذه الحالة ينظر الطلب المستعجل أمام محكمة كلية مع أنه أصلا من اختصاص القاضي الجزئي- ثم يستأنف حكمه إلى محكمة الاستئناف العليا (مع أنه كان ينبغي لو التزمنا الأصل أن ينظر الاستئناف أمام المحكمة الكلية) – وقد يصل الأمر إلى حد الطعن بالنقض في حكم محكمة الاستئناف العليا الصادر في هذا الطلب المستعجل. ولكن هذه كلها نتائج للاختصاص المشترك بالمسائل المستعجلة.
إلا أنه ينبغي أن أشير هنا إلى بعض ملاحظات لها أهميتها:
أولا: إن كل اتفاق بين الخصوم على اختصاص القاضي المستعجل بالمسائل الموضوعية يقع باطلا ويقضي قاضي الأمور المستعجلة بعدم اختصاصه في هذه الحالة من تلقاء نفسه – لأن اختصاصه القضاء المستعجل يعتبر اختصاصاً نوعياً ومن ثم فهو متعلق بالنظام العام ولذلك لا يجوز الاتفاق على خلافه.
ثانياً: إن الطلب المستعجل قد يعرض على محكمة الموضوع كطلب عارض من جانب المدعى- كما لو رفع شخص دعوى ملكية ثم طلب أثناء نظرها – فرض الحراسة على الأعيان المتنازع عليها. وكذلك يتصور أن يطرح الطلب المستعجل على محكمة الموضوع كطلب عارض من جانب المدعى عليه. كما لو جاء المدعى عليه في دعوى الملكية وطلب فرض الحراسة على الأعيان المتنازع عليها. وهذا متصور.
ثالثاً: إن عرض الطلب المستعجل أمام محكمة الموضوع يقتضى بالضرورة أن تكون الدعوى منظورة أمام محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز إبداء الطلب المستعجل بطريق التبعية لدعوى الموضوع إذا كانت قد وصلت إلى مرحلة الاستئناف لأن ذلك يؤدي إلى تفويت درجة من درجات التقاضي على الخصوم ويتعارض مع مبدأ عدم جواز إبداء طلبات جديدة في الاستئناف.
رابعاً: بالنسبة للإحالة من القاضي المستعجل إلى قاضي الموضوع عندما يحكم القاضي المستعجل بعدم اختصاصه- نرى أن ذلك جائز إلا إذا كانت طبيعة الدعوى المستعجلة تمنع الإحالة.

ثانياً: الاختصاص المحلي للقاضي المستعجل:
إذا كان المطلوب في الدعوى المستعجلة إجراء مؤقتاً كالحراسة أو إثبات الحالة فيكون المختص هو القاضي المستعجل الذي يكون الإجراء مطلوباً في دائرة اختصاصه. على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة موطن المدعى عليه طبقاً للقاعدة العامة.
أما إذا كان النزاع المستعجل إشكالا في التنفيذ فيرفع إلى القاضي الذي يجري التنفيذ في منطقة اختصاصه (مادة 59 مرافعات).

حجية الأحكام المستعجلة
ليس للأحكام المستعجلة حجية أمام قاضي الموضوع ولذلك يستطيع قاضي الموضوع أن يحكم بعكس الحكم المستعجل الصادر بين نفس الخصوم في النزاع المستعجل المتعلق بموضوع الدعوى. ولا يعتبر ذلك إخلالا بقوة الشيء المقتضى فيه.
ولكن الحكم المستعجل يجوز الحجية أمام القضاء المستعجل نفسه فلا يجوز تجديد الدعوى المستعجلة في المستقبل أمام نفس القاضي أو أي قاض مستعجل آخر.
ولكن حتى في هذا النطاق نجد أن حجية الحكم المستعجل مؤقتة فهي تبقى قائمة طالما أن الظروف لم تتغير- فإذا ما تغيرت الظروف زالت هذه الحجية المؤقتة وجاز صدور حكم مستعجل جديد على خلاف الحكم المستعجل السابق.
فالحجية إذن (قاصرة) أي إنها لا تمتد إلى خارج نطاق القضاء المستعجل (ومؤقتة) أو رهينة بعدم تغير الظروف.

الإحالة من القضاء المستعجل للقضاء الموضوعي
وقد ثارت في خصوص القضاء المستعجل مسألة ما إذا كان يجوز للقاضي المستعجل إذا ما قضى بعد اختصاصه أن يحيل الدعوى إلى محكمة الموضوع أم أنه لا يجوز له ذلك.
والواقع أن نص المادة (110) من قانون المرافعات الجديد هو نص عام فلا يقتصر على حالة صدور الحكم بعدم الاختصاص من محكمة جزئية على أساس أن الدعوى كلية (أو العكس) ولذلك فليس ثمة ما يمنع من إحالة الدعوى المستعجلة إلى القضاء الموضوعي إذا ما حكم القاضي المستعجل بعدم اختصاصه بعدم توافر ركن الاستعجال أو لتعلق المنازعة بأصل الحق، ولذلك نعتقد أنه يجوز للقاضي المستعجل عندئذ أن يحيل الدعوى إلى القضاء الموضوعي باعتباره هو المختص.
غير أنه قد توجد حالات يكون القاضي المستعجل فيها غير مختص ولا يقتضي ذلك حتما أن تكون الدعوى من اختصاص محكمة أخرى تنبغي إحالة القضية إليها، فعندئذ يقتصر القاضي المستعجل على الحكم بعدم الاختصاص ولا يحيل.
ومثال ذلك أن ترفع دعوى بسماع شاهد يخشى عليه ثم يتضح انعدام الخشية، فلا شك في أنه لا يتعين عندئذ على القاضي المستعجل أن يحيل الدعوى إلى محكمة أخرى إذ أن مثل هذه الدعوى من اختصاص القضاء المستعجل دون سواه.
فالقاضي المستعجل حين يحكم بعدم اختصاصه هنا يكتفي بذلك عادة ولا يفكر في إحالة الخصوم إلى محكمة الموضوع، على أساس أن الحكم بعدم اختصاص القضاء المستعجل عندئذ لا ينطوي على القول بوجود جهة أخرى مختصة بالدعوى، وإنما معناه عدم توفر مقومات اختصاص القضاء المستعجل بالدعوى، وهي تتكون من عنصرين: أولهما: توافر ركن الاستعجال. وثانيهما: أن يكون المطلوب إجراء وقتياً، ولهذا فإن الحكم بعدم اختصاص القضاء المستعجل لا يقتضي حتما وبالضرورة إحالة القضية إلى محكمة أخرى تكون هي المختصة، بل يكون الحكم بعدم الاختصاص في هذه الحالة منهياً للخصومة المستعجلة ويقتصر أمره على ذلك.
على أنه قد تبين في بعض هذه الحالات أن الدعوى المرفوعة إلى القضاء المستعجل هي في حقيقتها دعوى موضوعية لأن المطلوب فيها ليس مجرد إجراء وقتي، بل هو طلب موضوعي يقتضي الفصل فيه التعرض لأصل الحق كما هو الحال مثلا بالنسبة لدعوى طرد مستأجر متأخر في دفع الإيجار ينازع في تحقيق الشرط الفاسخ الصريح أو في وجوده، فمثل هذه الدعوى لو رفعت إلى القضاء الموضوعي تكون مرفوعة بلا شك إلى محكمة مختصة، ولكن يقضى فيها بعدم الاختصاص إذا رفعت للقضاء المستعجل.
ونرى في مثل هذه الحالة أنه ليس ثمة ما يمنع القاضي المستعجل إذا حكم بعدم الاختصاص أن يأمر بإحالة القضية إلى المحكمة الموضوعية التي يراها مختصة فالنص عام ومطلق، ولا يغير من ذلك أن تكون رسوم الدعوى الموضوعية أكثر أو أقل من رسوم الدعوى المستعجلة، لأن تسوية الرسوم من شأن قلم الكتاب ولا أثر لها على الاختصاص.
ولذلك ينبغي أن نغرق بين فرضين:
أولهما: أن يكون الاختصاص بالدعوى قاصراً على القضاء المستعجل فلا تتصور فيها الإحالة، وهذا يرجع إلى طبيعة الدعوى.
وثانيهما: أن يكون عدم اختصاص القاضي المستعجل راجعاً إلى تقديره أن القضية من اختصاص محكمة الموضوع فلا جناح عليه في هذه الحالة عندما يقضى بعدم اختصاصه أن يقرن حكمه بإحالة القضية إلى محكمة الموضوع.
ويكون من واجب الخصوم في هذه الحالة أن يتابعوا الدعوى أمام قاضي الموضوع باتخاذ الإجراءات اللازمة وسداد أو تكملة الرسوم التي يلزم سدادها أو تكملتها وفقاً لقانون الرسوم – فليس من شأن ذلك التأثير على تطبيق المادة (110) في خصوص الإحالة عند الحكم بعدم الاختصاص.

نظام الأوامر على العرائض
        إن المثال النموذجي البارز لأعمال القضاة التي يكون مصدرها سلطتهم الولائية هو ما يسمى بالأوامر على العرائض. وقد تصدى المشرع لتنظيم الإجراءات المتعلقة بهذه الأوامر ووضع القواعد المتعلقة باستصدارها وتنفيذها وبيان آثارها ووسيلة الاعتراض عليها في المواد من (194) إلى (200) من قانون المرافعات الجديد.
        والأصل في باب الأوامر على العرائض أن لكل فرد من الأفراد الحق في أن يستنجد بالقضاة ويلتمس منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لصيانة حقوقه المهددة بالضياع وذلك في أية حال وحيثما يوجد مقتضى لذلك.
        وقد جرت العادة على أن يتقدم الأفراد بطلباتهم في مثل هذه الحالة تحريراً وتنطوي الورقة المقدمة للقاضي عندئذ على (عرض حال) الطالب، وبيان الظروف التي تحيط به والإجراء الذي يقترح اتخاذه، ويسمى هذا الطلب (عريضة) لأن المقصود به هو عرض الموضوع أو عرض الحال على القاضي. ومن هنا جاءت كلمة (عرض حال) التي درج العوام على استعمالها.
        ومن واجب القاضي أن ينظر في هذه العرائض المقدمة إليه ويقرر فيها ما يراه سواء بالرفض أو القبول.

قاضي الأمور الوقتية:
        وقد رأى المشرع ألا يلقي بعبء الرد على العرائض على أي قاض من القضاة بل خصص قاضياً معيناً للنظر في هذه العرائض يسمى قاضي الأمور الوقتية. وقد نصت المادة  (27) من قانون المرافعات الجديد على أن قاضي الأمور الوقتية في المحكمة الابتدائية هو رئيسها أو من يقوم ويندب لذلك من قضاتها- وفي محكمة المواد الجزئية هو قاضيها.
        وقد نص المادة (194) على أن العرائض تقدم إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة أو رئيس الهيئة التي تنظر الدعوى، إن كان الطلب متعلقا بدعوى منظورة فعلا أمام القضاء.
        كما نصت المادة (275) على أن قاضي التنفيذ يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ.
        وعلى هذا الأساس يمكننا أن نقرر أن الاختصاص بالعرائض موزع على الوجه الآتي:
1-    إذا كان الأمر على العريضة متعلقاً بالتنفيذ، ومثال ذلك أوامر الحجز- فتقدم العريضة إلى قاضي التنفيذ المختص- ويصدر الأمر منه. (مادة 275 مرافعات).
        (ويستثنى من ذلك حالة أمر الحجز التحفظي الذي يتصل بأمر الأداء- فإنه يصدر من القاضي المختص بإصدار الأمر بالأداء لا من قاضي التنفيذ- وهو ما نصت عليه المادة 210 مرافعات).
2-    بالنسبة للأوامر على العرائض التي لا تتعلق بالتنفيذ- إذا كانت متعلقة بدعوى منظورة أمام القضاء- يكون للطالب الخيار بين تقديم العريضة إلى قاضي الأمور الوقتية أو إلى رئيس الهيئة التي تنظر الدعوى، ويصدر الأمر على العريضة في هذه الحالة من القاضي الذي تقدم العريضة إليه. ومثال ذلك الأمر بتقصير المواعيد أو بالإعلان في غير الأوقات المسموح بها قانوناً.
3-    بالنسبة للأوامر على العرائض التي لا تتعلق بالتنفيذ ولا تكون متعلقة بدعوى منظورة- فيكون الاختصاص بها لقاضي الأمور الوقتية وحده، ومثال ذلك: الأمر بوضع الأختام- أو الأمر بالاختصاص وهو الأمر الذي يخول للدائن الحق في الاختصاص بعقار أو أكثر من العقارات المملوكة لمدينة- ضماناً لدينه- (وذلك طبقا للمواد 1085، وما بعدها من القانون المدني).
        وتقدم العريضة في هذه الحالة إلى قاضي الأمور الوقتية ويصدر الأمر منه.
        وقاضي الأمور الوقتية كما ذكرنا هو في المحكمة الابتدائية رئيسها أو من يحل محله- وفي المحكمة الجزئية هو قاضيها. وذلك لأن العرائض تقدم إلى المحكمة الجزئية أو الكلية بحسب نصاب الاختصاص. على أنه قد يوجد نص يقرر اختصاص قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية وذلك بصرف النظر عن قيمة النزاع- كما هو الشأن مثلا بالنسبة للدائن الذي يريد أن يأخذ اختصاصاً على عقارات مدينة فإن هنالك نصاً (المادة 1089 مدني) يقرر أن العريضة ترفع في هذه الحالة إلى رئيس المحكمة الابتدائية، وكذلك لو كان الإجراء المطلوب متعلقا بنزاع غير مقدر القيمة فإنه يقدم أيضا إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية.
        ويراعى الاختصاص المحلي أيضا- أي أن المحكمة التي تقدم إليها العريضة هي المحكمة التي يراد اتخاذ الإجراء في دائرتها أو التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه.

إجراءات استصدار الأوامر على عرائض
        ويقتضى تنظيم العمل في المحاكم- على ما أقره أو قرره المشرع- أن تقدم هذه العرائض من نسختين متطابقتين (مادة 194 مرافعات) والحكمة من ذلك أن إحدى النسختين تحفظ بالمحكمة والثانية تسلم للطالب بعد التأشير عليها بالأمر الصادر من القاضي.
        ويؤدي الرسم اللازم عن العريضة يجب أن تشتمل على تعيين موطن مختار للطالب في البلدة التي بها مقر المحكمة.
        ويطلع القاضي - في خلوته - على هذه العرائض وما يرفق بها من مستندات- دون حضور أحد من الأخصام - ودون سماع مرافعة - ثم يصدر أمره كتابة على إحدى نسختي العريضة بالرفض أو القبول، وبغير تسبيب.
        وقد أوجب المشرع إصدار الأمر بالكتابة فهي ركن أساسي في تكوينه، وعلى هذا فلا يعتد بالأمر الذي يصدره القاضي شفوياً كما لو ادعى المحضر مثلا أن القاضي أمره تليفونياً بإيقاع الحجز بناء على عريضة قدمت إليه من صاحب الشأن، فمثل هذا الأمر منعدم الوجود قانوناً لتخلف ركن من أركان وجوده وهو أن يصدر من القاضي بالكتابة على إحدى نسختي العريضة ومذيلا بطبيعة الحال بتوقيع القاضي.
        وإذا كان المـشرع قد أوجب على القاضي إصدار الأمر في اليوم التالي لتقديم العريضة- على الأكثر- فإن هذا المـيعاد تنظـيمي أي لا يترتب البطلان إذا تأخر القاضي عن هذا الميعاد.
        وقد ذكرنا أن القاضي يصدر أمره في الخلوة أي في غرفة المشورة دون حضور أحد من الأخصام ودون حضور كاتب (بينما يلزم في الجلسة أن يصحب القاضي كاتب لتدوين محضر الجلسة)، وهذا هو الشأن دائماً في جميع الأوامر على العرائض ما عدا أمر الحجز التحفظي الذي أجاز القانون فيه للقاضي إجراء تحقيق مختصر قبل إصدار الأمر إذا وجد أن المستندات المؤيدة للطلب غير كافية (المادة 319 مرافعات جديد). وهذه من السمات المميزة للأوامر على العرائض والتي تفرق بينها وبين الأحكام إذا يشترط لصدورها أن يسبقها عقد جلسة يحضر فيها الخصوم أمام القاضي ليواجه كل منهما الآخر بدفاعه.
        ومن السمات المميزة للأوامر أيضا أنها تصدر بغير تسبيب أي لا يلزم فيها ذكر الأسباب التي بنى عليها الأمر- وإن كان من حق القاضي أن يبين الأسباب لأن ذلك غير ممنوع وإن ذكر المشرع أنه غير لازم، ويستثنى من ذلك حالة صدور أمر على عريضة مخالف لأمر سابق فيجب عندئذ ذكر الأسباب التي اقتضت إصدار الأمر الجديد وإلا كان باطلا. (مادة 195).
        على أن خلو الأوامر على العرائض من الأسباب وإن كان من السمات المميزة لها إلا أنه ليس من طبيعتها لأنه ليس ثمة ما يمنع من تسبيبها كما ذكرنا ومن جهة أخرى فإن هناك نوعا من الأوامر هي أوامر الأداء تشترك مع الأوامر على العرائض في عدم وجوب تسبيبها ولكنها تختلف عنها في الطبيعة لأن أوامر الأداء تعتبر في حقيقتها أحكاماً.
*****
        ومهما يكن من أمر فإن نسخة العريضة المؤشر عليها من القاضي تحفظ في قلم كتاب المحكمة وتسلم لمقدم العريضة النسخة الثانية بعد تذييلها بصورة الأمر الصادرة من القاضي، وذلك في اليوم التالي لصدور المر على الأكثر. (مادة 196).
        ويقوم مقدم العريضة- في حالة قبول طلبه- بتنفيذ الأمر الذي أصدره القاضي خلال فترة قصيرة حددها القانون وإلا اعتبر متنازلا عنه لأن طلب أمر على عريضة يفترض أن الطالب في لهفة من أمره وأنه يخشى خطراً داهما ويستغيث بالقضاء لاتخاذ إجراء وقتي يدرأ عنه ذلك الخطر- فإذا ما سكت عن تنفيذ الأمر فترة طويلة فقد الأمر حكمته ويكون عدم المبادرة إلى تنفيذه دالا على أنه لم يكن ثمة ما يدعو إلى إصداره، وقد نصت على ذلك المادة (200) من قانون المرافعات الجديد حيث قررت ما يأتي:
        يسقط الأمر على عريضة إذا لم يقدم للتنفيذ خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره، ولا يمنع هذا السقوط م استصدار أمر جديد.

الاعتراض على الأمر- بالتظلم منه:
        أما من صدور الأمر ضده فيجوز له أن يتظلم منه إلى القاضي الأمر نفسه أو إلى المحكمة التي يتبعها ذلك القاضي- ويجوز عندئذ للقاضي- أو للمحكمة- إلغاء الأمر أو سحبه إذا ما أتضح انعدام أو زوال السبب الموجب لإصداره.
        وليس للتظلم ميعاد.
        وقد نصت المادة (197) على أن للطالب أيضا أن يتظلم إذا ما صدر الأمر برفض طلبه، ولكن قلما يحدث ذلك لأن من يقدم عريضة فترفض يكتم ذلك الأمر ويتحين الفرصة لتقديم عريضة أخرى للحصول على الأمر الذي ينشده. (لأن التظلم سيكشف أمره لخصمه).
        وإجراءات التظلم هي الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أمام المحكمة (أي بصحيفة تودع قلم الكتاب وتعلن للخصوم وتحدد جلسة لحضورهم وسماع دفاعهم).
        ويجب أن يكون التظلم مسبباً وإلا كان باطلا.
        أما عن الجهة التي يرفع إليها التظلم: فقد جعل المشرع الخيار في هذا الشأن للمتظلم بين ثلاث جهات- فأجاز له أن يرفع التظلم إلى نفس القاضي الذي أصدر الأمر (مادة 199) كما أجاز رفع التظلم إلى المحكمة التي يتبعها ذلك القاضي (مادة 197)- أو إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية إن كان هناك دعوى منظورة وهذا هو ما نصت عليه المادة (198) حيث تقول: يجوز رفع التظلم تبعاً للدعوى الأصلية في أية حالة تكون عليها ولو أثناء المرافعة بالجلسة- وفي هذه الحالة الأخيرة تكون إجراءات التظلم في غاية البساطة إذ يكفي رفعه في الجلسة شفوياً مع إثبات ذلك محضر الجلسة- ويدفع رسم التظلم في الجلسة.
        وأياً ما كانت الجهة التي يرفع إليها التظلم- فإن الحكم الذي يصدر من هذه الجهة إما أن يكون حكما برفض التظلم وتأييد الأمر المتظلم منه- أو بقبول التظلم، وفي حالة القبول قد يحكم بإلغاء المر أو تعديله.
        ونكرر هنا أن التظلم من الأوامر على العرائض يمتاز بأنه غير مقيد بميعاد فيجوز رفعه في أي وقت ولو بعد صدور الأمر بمدة طويلة. وهذه من المميزات التي يتسم بها نظام الأوامر على العرائض.
        هل حصر المشرع حالات الأوامر على العرائض:
        ولم يحدد القانون حالات معينة يجوز فيها أن يمارس القاضي سلطته الولائية في إصدار أوامر على ما يقدم إليه من عرائض، بل يكون للقاضي هذا الحق كلما وجد ما يدعو إلى ذلك- دون حصر ولا تحديد. وهذا هو ما يدل عليه نص المادة (194) مرافعات التي تقرر أن التقدم لقاضي الأمور الوقتية يحصل في الأحوال (التي يكون للخصم فيها وجه لاستصدار أمر)- أي أن المرجع في ذلك إلى وجاهة الطلب: أي "وجود وجه" للطالب في تقديمه. وذلك دون تحديد أو حصر لهذه الأحوال.
        وقد ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن المشرع قد حصر الحالات التي يجوز فيها الالتجاء لاستصدار أمر ولائي وأنه لا يمكن استصدار أمر على عريضة إلا يناء على نص في القانون يجيز ذلك ولكن هذا الرأي مرجوح، والأصوب في نظرنا هو ما ذكرناه من أن هذه الأحوال غير محددة ولا محصورة.
        ولذلك يكتفي الفقه بضرب أمثلة لبعض الأحوال التي تتوافر فيها مبررات استصدار أمر على عريضة، ومنها حالة طلب الحجز التحفظي على أمتعة المستأجر المتأخر في دفع الأجرة، أو طلب نقل الأشياء المحجوزة إلى مكان غير المكان الذي توجد فيه. أو طلب الحجز تحفظياً على مال المدين الموجود لدى الغير، (سواء كان ذلك المال عيناً أو ديناً) أو طلب الترخيص بإعلان أوراق قضائية في يوم عطلة أو في غير الأوقات المقررة قانوناً أو طلب نقص مواعيد الحضور في الدعاوى، أو طلب وضع الأختام على محل تجارة تاجر مفلس أو تاجر يخشى فراره إذا وجدت أسباب جدية تدعو إلى هذه الخشية، على إلى غير ذلك من الأحوال التي "يكون للخصم فيها وجه لاستصدار أمر" (على ما جاء في صدر المادة 194).
        ويلاحظ أن ما يتعلق بإجراءات التنفيذ من هذه الأحوال قد أصبح من اختصاص قاضي التنفيذ- على ما سبق القول.

التفرقة بين القضاء الوقتي والقضاء المستعجل:
        وغنى عن البيان أن سلطة قاضي الأمور الوقتية في إصدار أوامر على العرائض تتشابه مع سلطة قاضي الأمور المستعجلة، ووجه المشابهة هو أن كلا منهما يأمر في النهاية بإجراء وقتي أو تحفظي، غير أن اختصاص كل منهما يختلف عن اختصاص الآخر اختلافا جوهريا، فسلطة قاضي الأمور الوقتية هي سلطة ولائية، أما سلطة قاضي الأمور المستعجلة فهي سلطة قضائية، والقرار الصادر من القاضي الوقتي يسمى (أمراً) أما قرار القاضي المستعجل فهو (حكم) ويجب تسبيبه. كما يلاحظ أيضاً أن قاضي الأمور الوقتية في المحكمة الابتدائية هو رئيسها، أما القاضي المستعجل فهو قاض جزئي.
        كذلك تختلف الإجراءات في الحالتين: فالقاضي الوقتي ينظر الطلب المقدم إليه في خلوته دون سماع أقوال أحد من الخصوم وفي غير حضورهم أما القاضي المستعجل فإن النزاع يرفع إليه على هيئة دعوى، تعلن عريضتها إلى الخصم، وينظرها القاضي في جلسة علنية يحضر فيها الخصوم ويبدون دفاعهم، ويجابه كل منهم الآخر بمستنداته وأسانيده- أو على الأقل تهيأ لهم الوسيلة للحضور، وإبداء دفاعهم ومناقشة دفاع خصومهم. ويبدو لي أن سلطة القاضي الوقتي إنما ترجع في الواقع إلى أن الإجراء الذي يطلب منه يقتضى المباغتة بطبيعته وإلا لفات الفرض منه. فهذا هو جوهر عمل القاضي الوقتي: إصدار أوامر في حالات تقتضي بطبيعتها المباغتة.
        نعم عن القاضي المستعجل لا يستطيع أن يتعرض لأصل الحق ولا يملك الحكم إلا بإجراء وقتي أو تحفظي، ولكنه لا يكون مختصاً إلا إذا كانت هناك منازعة قائمة فعلا، يصدق عليها وصف الاستعجال، بمعنى أن يخشى عليها من فوات الوقت، وهو حين يجلس لفض هذه المنازعة، فإنما يفعل ذلك بصفته قاضياً يمارس سلطته القضائية.
        فاختصاص القاضي المستعجل يختلف إذن اختلافاً بيناً عن اختصاص قاضي الأمور الوقتية من جملة وجوه، أهمها أن ما يقرره كل منهما يصدر عن سلطة تختلف عن السلطة التي يصدر عنها قرار الآخر، ولهذا لا يجوز أن يصدر القاضي المستعجل أمراً على عريضة، ولا أن يصدر قاضي الأمور الوقتية حكما في منازعة مستعجلة.
        ويخلص مما تقدم أن ثمة نوعين من الاختصاص:
        أولهما: الاختصاص القضائي، أي الاختصاص بفض المنازعات وتقرير الحقوق وإلزام المدين أو المعتدي بأدائها لأربابها.
        وثانيهما: الاختصاص الولائي، أي الاختصاص بإصدار الأوامر، على أساس أن القاضي هو أحد الولاة، وله- بهذه الصفة- حق الأمر، الذي يقابله- من جانب الأفراد- واجب الطاعة أو الولاء.
والقاضي حين يمارس هذا الاختصاص إنما يسوس أمور الناس ويديرها ويأمر باتخاذ التدابير أو إجراءات الضبط، التي يراها كفيلة بصيانة مصالحهم واحترام أوضاعهم وتأمين مراكزهم- لا على أساس تطبيق نصوص محددة في القانون بالنسبة لكل حالة- وإنما على أساس الملاءمة وتقدير الظروف القائمة، إلى أن يعرض النزاع على القضاء الموضوعي فيحسمه بتقرير الحق لصاحبه وإلزام خصمه بأدائه إليه نزولا على حكم القانون.

الصفة الوقتية للأوامر الولائية:
        وقد يكون من الخير أن نكرر الإشارة أخيراً إلى أن الأوامر التي تصدر من القاضي بناء على سلطته الولائية لا يمكن أن تكون لها إلا صفه وقتية نظراً لأنها لا تستهدف حسم الخصومة أو تقرير الحق، ولا تعدو أن تكون إجراء من إجراء من إجراءات الضبط أو الأمن التي يتخذها الحكام إلى أن يتسنى البت في موضوع النزاع- فالوقتية هنا مردها إلى سبب وجود الأوامر وإلى الغاية أو الهدف منها.
        ومن ثم فإن القاضي بإصدارها لا يستنفد سلطته- وهذه نتيجة هامة للصفة الوقتية للأوامر- فيجوز أن يعرض النزاع عليه فيفصل في موضوعه برأي يخالف الأمر الذي أصدره على العريضة ولا يعتبر ذلك مناقضة منه لرأيه لأن قضاءه بالنسبة للعريضة وقتي.
        ويكون للقاضي كذلك الحق في العدول عن الأمر إذا ما تبين أنه قد أصدره على أساس معلومات خاطئة أدلى بها من تقدم إليه بطلب الأمر- أو تغيرت الظروف التي أدت إلى إصدار الأمر- ولذلك يجوز للقاضي الذي أصدر الأمر أن يلغيه إذا ما رفع إليه تظلم وتبين أحقية المتظلم.
        فالأوامر إذن –على خلاف الأحكام- لا تحوز حجية الأمر المقضي.
*****
        ونستطيع مما تقدم أن نشير إلى أن للصفة الوقتية للأوامر نتائج هامة منها أن القاضي الذي أصدر الأمر لا يستنفد بذلك سلطته- ومنها أيضاً أنه يكون لذلك القاضي الحق في سحب ذلك الأمر والعدول عنه- ومنها أخيراً أنه ليس للأوامر الحجية كالأحكام. وكل ذلك يتفق مع طبيعة الأوامر الولائية لن الغاية منها ليست إحقاق الحقوق وحسم النزاع وإنما هي تدابير مؤقتة للحماية العاجلة أو لتوفير الأمن أو الاستقرار، ولو إلى حين، لبعض المراكز الواقعية  -انتظاراً للفصل في النزاع من القضاء الموضوعي.

مقارنة بين الأوامر على العرائض
وأوامر الأداء
        ويطيب لي هنا أن أعقد مقارنة ما بين نظام الأوامر على العرائض ونظام أوامر الأداء. وهذه المقارنة تظهر وجوه الشبه ووجوه الخلاف بين النظامين في جملة مواضع أهمها ما يأتي:

أولا: من حيث الطبيعة والجوهر:
        يوجد خلاف أساسي بين أوامر الأداء والأوامر على العرائض فإن القاضي في الأوامر على العرائض يصدر عن سلطته الولائية، أما أوامر الأداء، فإنها تستند إلى سلطته القضائية لأنها لا تقرر إجراء وقياً وإنما تتضمن إثبات الحق لأحد الخصمين، وإلزام الآخر بأدائه. فهي إذن تحسم الخصومة وتتناول موضوع الحق وتشمل على عنصري الحكم القاضي وهما التقرير والإلزام.
        ولهذا فإن أمر الأداء يعتبر في حقيقته حكماً قضائياً وإن كانت إجراءاته تشبه إجراءات الأوامر على العرائض لتقديمها على القضاء بطريق العريضة وصدورها في غيبة الخصوم ومن غير تسبيب ودون إعلان المدعي عليه أو إطلاعه على مستندات خصمه وتمكينه من مناقشة ادعاءاته.
        كل ذلك لا يغير من طبيعة أوامر الأداء وهي أنها في حقيقتها أحكام قضائية تحسم النزاع وتقرر الحق وتلزم المدين بأدائه.

ثانياً: من حيث التكليف بالوفاء:
        يتميز نظام أوامر الأداء عن الأوامر على العرائض بأنه يجب أن يسبق استصدار أمر الأداء تكليف المدين بالوفاء بميعاد خمسة أيام وذلك لتنبيه المدين على الأجراء الذي سيتخذه ضده.
        أما الأوامر على العرائض فلا يشترط أن يسبقها شيء من ذلك وهذا راجع إلى ما أسلفناه من اختلاف الأمرين في الطبيعة لأن إلزام الشخص بالدين يقتضي سبق إعذاره، أما الأوامر على العرائض فإن طبيعتها تقتضي المفاجأة أو المباغتة.

ثالثاً: من حيث الاختصاص:
        يختلف النظامان في أن الأوامر على العرائض يختص بها قاضي الأمور الوقتية، أما أوامر الأداء فقد يختص بها قاض آخر. فالمختص بها إذن ليس هو بالضرورة قاضي الأمور الوقتية.
        وقد لا يتضح هذا الفرق بالنسبة لأوامر الأداء التي تصدر من المحكمة الجزئية لأن الذي يصدرها هو قاضي المحكمة الجزئية وهو في نفس الوقت قاضي الأمور الوقتية فيها.
        أما في أوامر الأداء التي تصدر من المحاكم الابتدائية- لأن قيمتها تزيد على 250 جنيها- فإنها تصدر من أحد القضاة أو من رئيس إحدى الدوائر بالمحكمة الابتدائية وليس من رئيس تلك المحكمة. ولذلك فإن المشرع يحرص على التعبير على قاضي الأداءات بقوله: "القاضي المختص بإصدار أوامر الأداء". "ولو كان هذا القاضي هو قاضي الأمور الوقتية، فما كان أيسر على المشرع من التعبير عنه ببساطة بكلمة "قاضي الأمور الوقتية" (ونحن نعلم أن قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية هو رئيسها أو من يقوم مقامه). وإنما يسند إلى بعض قضاة المحكمة عند توزيع العمل عليهم في بداية العام بمعرفة الجمعية العمومية للمحكمة" مهمة النظر في طلبات أوامر الأداء وإصدار تلك الأوامر.

رابعا: من حيث موعد إصدارها:
        تصدر الأوامر على العرائض في اليوم التالي على الأكثر من تقديمها. أما أوامر الأداء فقد حدد المشرع لإصدارها موعداً هو (3) أيام من تاريخ تقديم الطلب، ومع أن كلا من الميعادين تنظيمي لأجزاء عليه، إلا أن المغايرة بين الميعادين مقصودة في التشريع لبيان الفرق بين هذين النوعين من الأوامر، وحتى لا تختلط أوامر العرائض بأوامر الأداء.

خامسا: من حيث سلطة القاضي في رفض الطلب:
        يختلف هذان النوعان أيضا في أن القاضي يملك بالنسبة للأوامر على العرائض أن يصدر الأمر المطلوب أو أن يرفض إصداره ببساطة.
        أما في حالة أوامر الأداء، فإنه إذا رأى ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته لا يملك أن يرفض أمر الأداء مقتصراً على الرفض، وإنما يكون عليه أن يقرن الرفض بتحديد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة مع تكليف الطالب بإعلان خصمه إليها. فإذا رفض دون تحديد جلسة جاز الرجوع إليه بطلب تحديد جلسة لنظر الموضوع على أساس استدراك ماسها عنه.

سادسا: من حيث طرق الطعن:
        وطرق الطعن في النوعين تختلف، ففي خصوص الأوامر على العرائض نجد أن طريق الطعن الوحيد فيها هو التظلم فيها إلى القاضي الآمر أو المحكمة المختصة أو المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية.
        والتظلم من الأوامر على العرائض ليس له ميعاد.
        أما أوامر الأداء فطريق الطعن فيها هو أولا المعارضة (التي سماها المشرع باسم "التظلم") وميعاد هذا التظلم عشرة أيام من تاريخ إعلان أمر الأداء للمدين فهو في هذا يختلف عن التظلم من الأوامر على العرائض في أن له ميعاداً محدداً وأن قواعد المعارضة تنطبق عليه مما يجعل وصفه بأنه تظلم مجرد تسمية لا تغير من طبيعته القانونية وهي أنه في حقيقته معارضة.
        كما أن أوامر الأداء يمكن الطعن فيها بطريق آخر وهو الاستئناف، إذ أنه في حالة عدم حصول معارضة (تظلم) من أمر الأداء يمكن أن يستأنف أمر الأداء نفسه استئنافا مباشراً. وإذا رفع الظلم واعتبر كأن لم يكن فإن من صدر ضده أمر الأداء يملك أن يستأنف الأمر كما يستأنف الحكم قضائياً.

سابعاً: من حيث نفاذ الأوامر على العرائض وأوامر الأداء:
        فالأوامر على العرائض تعتبر نافذة نفاذاً معجلا بقوة القانون بمعنى أنه يمكن لمن صدر لصالحه الأمر على العريضة أن ينفذه فوراً رغم التظلم منه ودون انتظار لأن التظلم من الأوامر على العرائض لا ميعاد له فلا يمكن انتظار فوات موعد غير موجود وإلا لانتظرنا إلى أجل غير مسمى. كما أن لا حاجة لأن يشمل القاضي أمره على العريضة بالنفاذ لأن النفاذ مستمد هنا من نص القانون، إما أمر الأداء فقد يشمل بالنفاذ المعجل. ولكن يجب على كل حال أن يذكر في أمر الأداء أنه مشمول بالنفاذ أو غير مشمول به. (انظر المادة 209) فإن لم يذكر فيه ذلك فلا يمكن تنفيذه، إلا إذا كان صادراً في مادة تجارية فينفذ بقوة القانون ولكن بشرط الكفالة (المادة 289 والمادة 209 معاً).
        ويمكن أن نلخص ذلك في كلمة واحدة وهي أن الأمر على العريضة لا يحتاج في تنفيذه إلى أن ينص القاضي فيه على نفاذه وذلك لأن القانون نفسه هو الذي يأمر بتنفيذه.
        أما أمر الأداء فلا يمكن تنفيذه إلا إذا نص القاضي فيه على صلاحيته للتنفيذ وهو لا ينص على ذلك إلا إذا كان القانون يجيز له أن يشمل الأمر بالنفاذ أو يوجب ذلك عليه. أو ينفذ أمر الأداء حتما إذا كان القانون ينص على ذلك كما في حالة المواد التجارية.

ثامنا: من حيث سقوط أوامر الأداء والأوامر على العرائض:
        يختلف النوعان من حيث سقوطهما لأن الأمر على العريضة يسقط إذا لم يقدم للتنفيذ في ظرف 30 يوما من تاريخ صدوره (مادة 200 مرافعات).
        أما أمر الأداء فيسقط إذا لم يعلن المدين خلال (3) شهور (مادة 205).
        ويتبين من ذلك أن المانع من السقوط في الحالين يختلف فهو في الأوامر على العرائض تنفيذها أو تقديمها للتنفيذ (على الأقل) فتنفيذ الأمر على عريضة أو الشروع في تنفيذه خلال 30 يوما هو الذي يمنع سقوطه.
        أما أوامر الأداء فإن استقرارها ليس رهيناً بتنفيذها بل بإعلانها. فالذي يمنع سقوط أمر الأداء هو إعلانه. وليس للتنفيذ أثر في ذاته لأن أمر الأداء لو نفذ دون إعلان يسقط مع ذلك بعد (3) أشهر من تاريخ صدوره ولا يغني تنفيذه عن إعلانه بل ويكون تنفيذه باطلا لعدم إعلانه قبل التنفيذ. ولو أعلن دون تنفيذ فإنه يستقر لمدة 15 سنة، ويغني إعلانه عن تنفيذه في هذا المقام.
        كذلك تختلف مدة تحقق الواقعة المانعة من السقوط فهي في الأوامر على العرائض 30 يوما (للتنفيذ) وفي أوامر الأداء 3 شهور (للإعلان) وهذا فارق ضخم بين أوامر الأداء والأوامر على العرائض.
        ويلاحظ وجود أوجه أخرى للمقارنة (أي أوجه شبه وأوجه اختلاف) بين هذه النوعين من الأوامر، ولكنها أوجه ثانوية ويكفي ما تقدم للمقارنة بين النوعين في المواضع التي ذكرناها.
*****
هذا، والله أعلى وأعلم،،،