جريمة غسيل الأموال
أولا: التعريف بالجريمة
هى إخفاء الأموال المتحصلة من جريمة داخل أموال مشروعة لإخفاء كنهها ومصدرها و التعامل بها على هذا النحو.
فهى تهدف الى تغيير طبيعة المال و شكله و مصدره من حالة إلى أخرى بغرض تمويه حقيقة أصله غير المشروع، والتعامل به على أنه مال مشروع لتجنب الأثر القانونى لعدم مشروعيته.
ثانيًا: طبيعة الجريمة
الجريمة بلا شك هى جريمة جنائية و هى إخفاء مال أو متحصلات من أثر جريمة،غالب الحال أن تكون جماعية ليست فردية.
و الواقع ان الجماعية هنا تأتى من اسلوب ارتكاب الجرائم مصدر تلك الاموال فجرائم " المخدرات،الارهاب،التجار فى البشر تجارة الاعضاء البشرية ، تجارة الرقيق ، الاستيلاء على أموال المصارف " ذات تعدد بشرى يشتركون لاثبات تلك الجرائم كعناصر الجريمة المنظمة التى تمارس الاجرام بتعدد الاشخاص باستمرار اى متكررة تقوم بها باحتراف و ليست على سبيل المصادفة او التجربة، فباتت محورو مجال نشاطها ، و مصدر دخلها من الاموال.
وهى كذلك من الجرائم الاقتصادية بحيث ان مصدرها جريمة كان من اهم اسبابها الحاجة الى المال فى بادئ الأمر ، محلها جانب مالى و اخيرا تكون موئثرة على الجانب الأقتصلدى للدولة سواء التى تم التعامل من خلالها ، او التى تم تبييض الاموال بها.
وهى كذلك جريمة دولية ، فاذا كان الهدف منها تجنب الاثار الاجرامية و النتائج الواردة عليها ، ففى غالبا الاحوال يتم تبييضها خارج دولة مزاولة النشاط للبعد عن مراقبة المال و الشبهات الحائمة حول مرتكبى تلك الجرائم ، فبذلك تكون الجريمة فى حد ذاتها و ليست الجريمة مصدرها عابره للحدود.
ثالثًا: خطوات جريمة غسيل الأموال
جريمة غسيل الأموال جريمة عديمة المظهر ، اى ان لأساليبها عده وجوه لا تقف عند وجه واحد ، فاذا كانت تقوم على كيفية الأخفاء لاموال الجريمة و ادماجها مع أخرى طاهرة غير ملوثة ، وقد تتعدد مظاهر اساليبها و الخطوات التى تنفذ بها.
ومن اهم تلك الخطوات التى تنفذ بالاستعانة بالمصارف و هى الصورة الشائعة.
(1) الايداع..ويكون بايداع مبالغ نقدية كبيرة فى احد الحسابات البنكية الخاصة بهم او بمشاركين بالاتفاق و المساعده ، و تتعدد تلك الحسابات داخل عده مصارف ، وفى عده دول ، سواء كانت حسابات اصلية او فرعيه.
(2) التحويل.. و ياتى غالبا خطوة الايداع بعد استقرار تلك الحسابات و تعددها فى اكثر من مصرف و فى اكثر من بلد
(3) الاقتراض..ويتم غالبا فى البنوك التى تقع فى دول يغيب عنها الرقابة المصرفية فى غالب الأمر، حيث يتم التقدم بطلب قرض بضمان الودائع بالبنوك الأخرى او بذات البنك.
(4) الكارت النقدى..وهى وسيلة الكترونية حديثة لغاسلى الاموال و ذلك يتم بسحب الأموال من اى ماكينة سحب،ومطالبة البنك المسحوب عله البنك المودع به النقود بتحويل المبلغ النقدى المسحوب.
(5) المعاملات التجارية..وتتم تلك المعاملات بخطابات ضمان من البنوك المودع بها النقود او ما شابه و الولوج الى مشروعات تجارية استثمارية كالاستيراد و التصدير ، و شراء الاسم و غيرها.
(6) الدمج..وهى دمج تلك الاموال بأخرى بعد اجراء العمليات البنكية و التجارية فالاستثمارية فى اموال طاهرة نظيفة،بحيث تكتسب المظهر المشروع و يتم التعامل عليها مباشرة و تظهر الى العامة كاموال معلومة المصدر، وهى اكثر المراحل الخداعية فى جريمة غسيل الاموال.
ومن أهم اساليب الجريمة خارج الإطار المصرفي
(1) إنشاء مؤسسات وهمية او مشاركة مؤسسات كبرى بالإشتراك فى رأس المال.
(2) شراء شركات متعثرة ماديا لكسب الكيان القانونى لها.
(3) التعمل فى البورصات الوطنية و الدولية و التجارة بالاسهم.
(4) التعامل فى السوق العقارية بشراء الاراضى و العقارات خاصه المرهون لمصلحه المصرف ، و تجميد ارصده من تلك الاموال القذرة فى ثروة عقارية لبعض الوقت،والمضارية الصورية فى العقارات.
(5) التعامل فى المعادن النفيسة كالذهب و ايداعه لدى خزائن المصرف.
(6) التعامل بالقمار و استبدال الفيشات النقدية.
رابعًا: انعكاسات الجريمة على فلسفة القانون الجزائى:
(1) انخراط المجرم فى المجتمع بما حققه من ثروات دون عقاب و من ثم انعدام الردع الخاص ، والعام ان امكن حيث يدرك التعاملين اثر الجريمة تحقيق المكاسب دون الخساءر الجتماعية و القانونية .
(2) إضفاء الشرعية على اموال متحصلة من جريمة كانت بمنأى عن المصادره و فرض الضرائب عليها المستحقة ، وحرمان الدولة من تلك النقود التى تشكل عنصرا هاما فى اقتصادياتها.
(3) إثابه المجرم على افعاله بما يشجعه على الاعتياد على السلوك الاجرامى ، و استشار ذلك السلوك خاصه اذا ما علمنا انها جريمة جماعية بما يؤدى الى تفشى ظاهرة الاجرام.
خامسًا: انعكاسات الجريمة على الواقع الاجتماعى:
(1) إثابه المجرم بالظهور بالمظهر الاجتماعى اللائق ، و الانخراط مع صفوة المجتمع.
(2) الحصول على احترام و تقدير المجتمع بالمشاريع الخيرية التى اقامها و فرص العمل اللائق التى حققتها و المساهمة فى العمل الخيرى الذى تقوم به الدوله و المساعده على القيام بدورها و ابراز اهمية تلك الاعمال،وسداد كامل الضرائب المستحقة.
(3) الحصول على روابط إجتماعية مؤثرة سياسيا و اقتصاديا بتلك الاعمال و الترشيح فى الاماكن ذات السلطة و النفوذ لاكتساب الحماية القانونية و السياسية.
(4) التوسع فى اقامة المشاريع التجارية و الحصول على تسهيلات سياسية و اقتصادية و ائتمانية من المصارف و الدولة.
(5) إبراز المجرم بمظهر رجل الدولة و الخير واحد عناصر الأقتصاد فى الدولة ، و تلبية كافة احتياجاته.
(6) انتشار ثقافة الربح السريع ، و تمزق المجتمع و الاسرة لارفاع معدل الجريمة.
سادسًا: انعكاسات الجريمة على الواقع الاقتصادى:
(1) الآثار السلبية الاقتصادية على الاوراق المالية و الاسهم عند ارتفاع الطلب عليها و معاوده السحب المباشر و البيع بأثمان غير حقيقيه للسهم فى وقت مفاجىء ، او بصورة اخرى التحكم فى ثمن السهم بشراء الغالبية العظمى منه.
(2) الاضطراب الأقتصادى بتهديب كم هائل من النقد الاجنبى خارج البلاد دون المتوقع،بما يحدث خلل بالتوازن الموجود بالميزانة و ميزان المدفوعات بالتبعية.
(3) تعرض المصارف الى ازمات اقتصادية حال سحب الارصده الضخمة دون دراسه مسبقة لمخاطر الائتمان العام و القدرة الاقتصادية للمصرف و الاحتياطى النقدى المودع لديه.
(4) انخفاض سعر صرف العملة الوطنية و ارتفاع الاسعلر بما يؤثر على موازنه الدوله و الاحتياطى النقدى المودع لديه.
(5) ارتفاع حجم الإنفاق الوطنى لمكافحة الجريمة ، و الحد من استزاف العملة الاجنبية.
(6) انخفاض حصيلة الدولة من الضرائب ، و التاثير سلبيا على موارد الدولة.
(7) سوء توزيع الدخل القومى بما يخفى وجه الطبقة المتوسطة و بزوغ وجه الطبقة الدنيا و العليا.
(8) خسارة الاقتصاد القومى لعائد الاموال المهربة فى عائداتها و اشتثمارها فى المشاريع الوطنية.
(9) الآثار السلبية على السوق الاقتصادى و الذى هو من اهم و اقوى اعمدة اقتصاد الدولة باحداث فجوات سعرية كبيرة و تقلبات الاسعار بها ، و خسائر المستثمرين العقاريين و المقاولين و العاملين بذلك الحقل الاقتصادى.
سابعًا: أركان جريمة غسيل الأموال
(1) الركن المادى .. وهو كل سلوك ايجابى او سلبى ينطوى على إخفاء حقيقة أموال متحصلة من جريمة و واكتسابها مظهر المشروعية بالحيازة او التصرف او الادارة او الحفظ او الاستبدال او الاستثمار او التحويل او النقل او التجارة....الخ.
(2) الركن المعنوى..وهو علم الجانى بأن تلك الاموال متحصلة من جريمة وادارة اخفائهاوتطهيرها من مصدرها و التعامل بها .
ثامنا :نظره عامه على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتلك الجريمة
أ ) اتفاقية الأمم المتحدة عام 1988:تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين الدول حتى تتمكن من التصدي بفعالية لمختلف مظاهر مشكلة الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، وتعتبر أول اتفاقية دولية تعرضت لموضوع غسيل الأموال وقد تركت هذه الاتفاقية للدول حرية التصرف واتخاذ الإجراءات التي تراها كل دولة مناسبة وذلك حسب ظروفها لتحريم منع تحريف أو تمويه أو تبديل أو حذف حقيقة الأموال إذا كانت متحصلة من إحدى الجرائم الخطرة.
ب ) لجنة العمل الاقتصادي المتعلقة بغسيل الأموال:
تم تأسيس هذه اللجنة بمبادرة من رؤساء حكومات الدول الصناعية السبع وذلك بهدف إعاقة واكتشاف أعمال غسيل الأموال، ففي عام 1990م قامت هذه اللجنة بإصدار أربعين توصية وكان من بينها تطبيق قانون منع غسيل الأموال ويقوم بوضع قوانين بنكية لاكتشاف المشتبه بهم والقيام بالإبلاغ عن الحالات المشتبه بها.
ج ) لجنة بازل المتعلقة بالإشراف البنكي:
في عام 1988 قامت هذه اللجنة بإصدار قانون المبادئ الذي حظر بموجبه استخدام البنوك للنشاطات الإجرامية وذلك لأهداف تتعلق بغسيل الأموال ، وينص هذا القانون على ضرورة منع المعاملات التجارية ذات الخلفية الإجرامية وخصوصا "المتأتية من عمليات غسيل الأموال والمساهمة في اكتشاف ومنع هذه المعاملات".
د ) إعلان كنغستون بشأن غسيل الأموال:
ضمن هذا الإعلان مجموعة وزراء وممثلين عن حكومات دول الكاريبي وأمريكا اللاتينية الذين اجتمعوا في كنغستون بجمايكا من 5-6 أكتوبر 1992 وقد اتفقت الدول المجتمعة على توقيع وتنفيذ إعلان الأمم المتحدة لعام 1988 ضد تهريب المخدرات أو العقاقير النفسية ، واتفقوا أيضا على قبول وتنفيذ التوصيات الأربعين التي صدت عن الدول الصناعية السبع ، كما أوصوا في هذا الإعلان بأن تقوم كل دولة بوضع قانون وأنظمة تتعلق بضبط ومصادرة الممتلكات والأرباح الناتجة عن تهريب المخدرات.
هـ ) إدارة منع ومصادرة الأموال المتأتية من أعمال إجرامية (فوباك):
تم تأسيس هذه الإدارة عام 1993 كإدراة تابعة للإنتربول تكمن مهمتها في جمع المعلومات والأخبار وترجمتها وحفظها لديها ضمن أرشيف خاص ، كما تقوم بإجراء الدراسات المتعلقة بملاحقة الموجودات غير الشرعية في الخارج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق