أولا :- في افتتاح إجراءات التحكيم :-
يقصد بإجراءات التحكيم مجموعة الأعمال الإجرائية التتابعة التي تستهدف الحصول على حكم من هيئة التحكيم يفصل في النزاع القائم بين طرفي التحكيم ، وهي بهذه المثابة تفترض تحقق عدة أمور سابقة على طرح النزاع على هيئة التحكيم ، فطرح النزاع على هيئة التحكيم يفترض أولا :-
1-تمام تعيين هيئة التحكيم ، وهذا الأمر متروك بحسب الأصل لطرفي النزاع ، أو لمن يختارونه ثم من بعد لقضاء بناءا على طلب أحد الطرفين في حالة نكولها أو نكوله عن القيام بالتعيين المطلوب ( المادة 15 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 ) .
2-وطرح النزاع على هيئة التحكيم تفترض ثانيا قبول المحكم أو المحكمين لمهمة التحكيم ( مادة 16/3 من قانون التحكيم المذكور التي تنص على أن " يكون قبولالمحكم القيام بمهمته كتابة ويجب عليه أن يفصح عند قبوله عن أية ظروف من شأنهاإثارة شكوك حول إستقلاله أو حيدته . " ، والكتابة هنا مطلوبة لمجرد الإثبات وليس باعتبارها شكلا للقبول لا يوجد إلا بقيامه ، ولذلك يكفي لإثباته قيام المحكم أو المحكمين بمهمة التحكيم بالفعل أو البدء فيها إذ أن هذا الأمر أو ذلك يفيد قبولا قاطعا وإن كان ضمنيا .
3-وطرح النزاع على هيئة التحكيم يفترض ثالثا تعيين النزاع المحكم فيه ، ولا صعوبة في الأمر عندما يكون اتفاق التحكيم لاحقا على قيام النزاع إذ في الغالب أن يتضمن اتفاق التحكيم تعيينا له ، ولكن الاتفاق على التحكيم قد يكتفي بتعيين المنازعات محل التحكيم بجنسها كما هو الحال في عادة في شرط التحكيم المدرج بعقد أصلي ، وفي هذه الحالة لا يتصور أن تبدأ خصومة التحكيم إلا إذا قام بالفعل بين الطرفين نزاع من المنازعات المتفق على التحكيم في جنسها ففي هذه الحالة يتم تحديد النزاع محل التحكيم بالآتي ، إما بوثيقة تحكيم خاصة ، وإمام في طلب التحكيم الذي يرسله أحد الطرفين إلى الأخر ، وإما أمام هيئة التحكيم في بيان الدعوى الذي يقدم إليها ، وقد عرضت المادتان 27 و30 من قانون التحكيم في المواد لمدنية والتجارية سالف الذكر لافتتاح إجراءات التحكيم ، ويتضح من هذين النصين وجوب التفرقة بين طلب التحكيم وبين طرح النزاع على هيئة التحكيم فإجراءات التحكيم تبدأ بتسليم طلب التحكيم إلي المدعى عليه ، أما عرض النزاع على هيئة التحكيم فلا يبدأ إلا بإرسال بيان الدعوى إلى المدعى عليه وإلى هيئة التحكيم .
.................................................. ............
ماهية طلب التحكيم :-
نصت المادة 27 من قانون التحكيم سالف الذكر على أن "تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم منالمدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر . " ( والمقصود هنا هو إجراءات التحكيم السابقة على طرح النزاع على هيئة الحكيم ) ، وإذا كان المقصود هو إجراءات طرحها على هيئة التحكيم على وجه التحديد وكان المشرع قد نص عل تسليم الطلب إلى المدعى عليه وإلى هيئة التحكيم معا ، وأهم الإجراءات السابقة على طرح النزاع على هيئة التحكيم هو تشكيل هيئة الحكيم أو استكمال تشكيلها والحصول على موافقة هيئة التحكيم على القيام بالمهمة التي تم اختيارها للقيام بها ، فإذا ما استجاب المدعى عليه لطلب الدعي وتم تعيين هيئة التحكيم باشر الطرفان بعد ذلك الاتفاق مع هيئة التحكيم المختارة على القيام بمهمة التحكيم وعلى مدة التحكيم ، أما إذا لم يستجب ا لمدعى عليه لدعوة المدعي فيكون أمام المدعي الالتجاء إلى القضاء لتشكيل هيئة التحكيم أو استكمال تشكيلها .
.................................................. ............
طرح النزاع على هيئة التحكيم :-
إذا تعلق الأمر بتحكيم حر فإن النزاع لا يعتبر مطروحا على هيئة التحكيم إلا منذ تحديد أعضائها وقبلهم للمهمة الموكلة إليهم صراحة أو ضمنا ، وإذا تعلق الأمر يتحكيم نظامي لدى هيئة أو منظمة أو مركز من مراكز التحكيم الدائم ، فالنزاع يعتبر مطروحا على هيئة التحكيم التي تحددها هذه الهيئة أو هذا المركز أو هذه المنظمة بمجرد قبول الطرفين إجراء التحكيم لديها إذ أنها تعتبر موكلة من الطرفين باختيار هيئة التحكيم .
.................................................. ............
دور المدعي في خصومة التحكيم :-
تفتتح خصومة التحكيم بمجرد أن يطلب أحد الطرفين أو كلاهما إلى هيئة التحكيم بدء طرح النزاع أمامها وذلك بعد اختيار المحكمين واختيار المكان والزمان حسب الاتفاق أو المشارطة ، وبعد ذلك يتعين على المدعي أن يرسل إلى المدعى عليه - خلال الأجل المتفق عليه من الطرفين أو الذي تكون قد أقرته هيئة التحكيم ( في حالة عدم الاتفاق على الأجل ) – بيانا مكتوبا بدعواه وهذا البيان يرسله أيضا إلى كل محكم ، ويتضمن هذا البيان المعلومات الأساسية التي تشتمل على اسم المدعي وصفته وعنوانه واسم المدعى عليه وصفته وعنوانه مع شرح لموضوع النزاع وأسانيده وتحديد المسائل موضوع التحكيم والمسائل التي تشتمل عليها مشارطة التحكيم أو الاتفاق حتى يكون المحكمون والمحتكم ضده ( المدعى عليه ) على بينة من هذا النزاع ظروفه وملابساته مع الإشارة إلى المدة التي يتعين على المدعى عليه أن يعقب فيها على ما جاء بطلب التحكيم ، وهذه المدة إما أن يكون طرفا التحكيم قد اتفقا عليها أو حدتها هيئة التحكيم ، ويختتم المدعي بيانه بتحديد طلباته .
.................................................. ............
دور المدعى عليه ( المحتكم ضده ) في خصومة التحكيم :-
بعد أن يتلقى المحتكم ضده طلب التحكيم من المدعي خلال الميعاد المحدد بمعرفة هيئة التحكيم أو الميعاد المتفق عليه فإنه يرسل رده أو تعقيبه على طلب التحكيم ( صحيفة الدعوى ) وذلك لكل محكم وللمدعي أيضا على ان يكون هذا الرد بمذكرة مكتوبة تنطوي على دفاعه ودفوعه ومستنداته التي يستند عليها .
.................................................. ............
حق المحتكم ضده ( المدعى عليه ) في الدفوع والطلبات العارضة :-
أجازت الفقرة الثانية من المادة 30 سالفة الذكر على أن للمدعى عليه أن يتمسك بحق ناشئ عن النزاع وذلك بالدفع بالمقاصة ، وهذا الدفع ليس من النظام العام فيجوز للمدعى عليه إثارته ولو في مرحلة لاحقة ن الإجراءات إذا كانت أسباب تاخير المدعى عليه في إبدائه كان لها ما يبررها وقبلتها هيئة التحكيم .
والطلبات العارضة التي يحق للمدعى عليه أن يتقدم بها في مذكرة دفاعه أو رده أو تعقيبه على الدعوى فهي تنحصر في الأتي :-
أ-طلب المقاصة القضائية ، وطلب الحكم بالتعويض عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها .
ب-أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها ، أو أن يحكم بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه .
ت-أي طلب يكون متصلا بالدعوى اتصالا لا يقبل التجزئة .
ث- ما تأذن هيئة التحكيم بتقديمه مما يكون مرتبطا بالدعوى الأصلية .
وواضح أن هذه الطلبات العارضة لم ترد على سبيل الحصر لأنها تشتمل أي طلب يتصل بالدعوى الأصلية اتصالا لا يقبل التجزئة .
.................................................. ............
التدخل في خصومة التحكيم :-
النص في المادة 30 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أجاز للمدعى عليه فقط أن يتقدم بطلبات عارضة على نحو ما أوضحناه سلفا ، وقد سكت النص عن تناول حالة التدخل سواءا كان هجوميا أو انضماميا ، ومن ثم ونظرا لأن خصومة التحكيم لها طبيعة خاصة وطبقا لإرادة الطرفين فقد لا يكون هذا للغير طرفا في اتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم ومن ثم يصعب عليه التدخل في إجراءات التحكيم ، وبوسع هذا الغير أن يتعامل مع طرفي النزاع مباشرة باللجوء إلى قاضيه الطبيعي .
.................................................. ............
تقديم المستندات :-
أجازت الفقرة الثالثة من المادة 30 من القانون رقم 27 لسنة 1994 لكل من الطرفين ( المدعي والمدعى عليه ) أن يرفق بمذكرات دفاعه صورا ضوئية أو عرفية من المستندات والوثائق التي يستند عليها ، وله أن يشير إلى وثائق أو مستندات لم يقدم صورها محتفظا بحقه في تقديمها كأن يكون هناك مستند في جهة ما يجري استخراجه ، وإذا جحد الخصم صور المستندات وتمسك بتقديم الأصول كان لزاما على هيئة التحكيم أن تكلف الخصم الذي قدم الصور أو يقدم أصولها أو صور رسمية منها ، ويجوز لهيئة التحكيم في جميع الأحوال ومن تلقاء نفسها ودون أن يطلب الخصم أن تطلب تقديم أصول المستندات من أي من طرفي النزاع ، كما ترسل صورة مما يقدمه أحد الأطراف إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخرى إلى الطرف الأخر ، وكذلك يرسل صورة إلى كل من الطرفين من كل ما يقدم إلى الهيئة المذكورة من تقارير الخبراء أو المستندات وغيرها من الأدلة طبقا لما ورد بنص المادة 31 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، وهذا النص ما هو إلا ترديد للقواعد العامة في أسس نظام وإجراءات التقاضي .
.................................................. ............
تعديل الطلبات :-
نصت المادة 32 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على أنه لكل من طرفي التحكيم تعديل طلباته أو أوجه دفاعه أو استكمالها خلال إجراءات التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك منعا من تعطيل الفصل في النزاع .
بادئ ذي بدء تجدر الإشارة إلى أن تعديل الطلبات أو الطلبات الختامية من الأمور المعروفة والحقوق المستقرة للمتقاضين طالما أن الدعوى ما تزال في مرحلة المرافعة ، ولكن إذا ما أريد من وراء تقديم طلب التعديل أو تكرار هذا الطلب إطالة أمد بحث النزاع وعرقلة الفصل في الدعوى فإن من حق هيئة التحكيم أن تلتفت عنه .
.................................................. ............
المرافعة أمام هيئة التحكيم :-
نصت المادة 33 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على مرحلة المرافعة أمام هيئة التحكيم بقولها "1- تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لميتفق الطرفان على غير ذلك .
2- ويجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلساتوالاجتماعات التي تقرر هيئة التحكيم عقدها قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كافتقدره هذه الهيئة حسب الظروف .
3- وتدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيمفي محضر تسلم صورة منه إلى كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك.
3- ويكونسماع الشهود والخبراء بدون أداء يعين . " .
فالأصل أن تتم جلسات المرافعة في حضور الطرفين حيث يبدي كل طرف ما يعن له من ملاحظات أو دفوع أو دفاع شارحا وجهة نظره وشارحا مدلول المستندات المقدمة ويكون لخصمه حق الرد والتعقيب ، إلا أن النص أجاز أن تكتفي هيئة التحكيم بما قدم من أوراق ومستندات ومذكرات مكتوبة دون حاجة لمرافعة شفوية متى كانت هذه الأوراق كافية بذاتها لإظهار وجه الحق في النزاع ، ولكن إذا اتفق الطرفان على تبادل المرافعات الشفوية تعين على الهيئة أن تمكنهما من ذلك ، وتتولى الأمانة الفنية لهيئة التحكيم ( السكرتارية ) إخطار الطرفين بمواعيد جلسات المرافعة قبل حصولها بوقت كاف وتتأكد الهيئة من وصول هذه الإخطارات بالبريد بحيث إذا تخلف أحد الطرفين أو كلاهما رغم التأكد من إخطارهما كان من حق هيئة التحكيم الفصل في الدعوى بحالتها ، وتقوم الأمانة الفنية للهيئة بتدوين ما يدور بحاضر جلسات المرافعة في محاضرها ، والأصل أن تسلم لكل طرف من الأطراف المتنازعة صور من هذه المحاضر إلا إذا اتفقوا عل غي ذلك ، وقد نصت الفقرة الرابعة من المادة 33 من قانون التحكيم سالف الذكر على انه لا يجوز تحليف الشهود وكذلك الخبراء لأن تحليف اليمين لا يكون إلا أمام هيئة قضائية وفقا للقواعد العامة .
هذا ولم يرد بين نصوص قانون التحكيم سالف البيان إشارة إلى علنية أو سرية محاضر الجلسات فالأمر إذن متروك لاتفاق الأطراف ، فلهم طلب عقد جلسات غير علنية إذ تعتبر الخصوصية إحدى المزايا التي يحققها الالتجاء للتحكيم خاصة إذا تعلق النزاع بعقود نقل التقنية وما تقتضيه من المحافظة على أسرار المشروعات لأطراف النزاع ، كما خلا القانون أيضا ، كما خلا القانون أيضا من النص على سرية المداولة وذلك بعكس القانون الفرنسي المنظم للتحكيم الذي نص على هذا المبدأ ، ولم يتضمن القانون المصري أيضا نصا يخول هيئة التحكيم سلطة إصدار قرار يقفل باب المرافعة وبدء المداولة وهو ما تضمنه القانون الفرنسي في نصوصه المنظمة للتحكيم الداخلي ، وتبدو أهمية هذا القرار في أنه يغلق باب المرافعة أمام الطرفين فلا يجوز بعد تاريخ بدء المداولة تقديم طلبات أو إبداء أوجه دفاع إلا إذا طلبت الهيئة نفسها ذلك .
وتواصل الهيئة عقد جلساتها لحين استكمال ما تراه لازما للفصل في النزاع ، ولا يعوقها عن ذلك تخلف أحد الطرفين عن الحضور طالما تم إخطاره ، كما لا يعوقها ع لوصول بالتحكيم إلى غايته ( أي إصدار الحكم المنه النزاع ) تقاعس أو رفض أحد الأطراف تقديم المستندات التي طلبت الهيئة تقديمها ، فللهيئة المضي في طريقها وإصدار الحكم استنادا على عناصر الإثبات الموجودة أمامها .
.................................................. ............
عدم تقديم المدعي البيان المكتوب بدعواه دون عذر وعن تقديم مذكرة بدفاعه :-
نصت المادة 34 من قانون التحكيم سالف الذكر على أن " 1- إذا لم يقدم المدعي دونعذر مقبول بياناً مكتوباً بدعواه وفقا للفقرة الأولى من المادة(30) وجب أن تأمرهيئة التحكيم بإنهاء إجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك .
2- وإذالم يقدم المدعى عليه مذكرة بدفاعه وفقاً للفقرة الثانية من المادة(30) من هذاالقانون وجب أن تستمر هيئة التحكيم في إجراءات التحكيم دون أن يعتبر ذلك بذاتهإقرارا من المدعى عليه بدعوى المدعي ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك . "
والبيان المكتوب الذي يتعين على المدعي تقديمه هو صحيفة الدعوى المشتملة على اسمه وعنوانه وصفته واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح تفصيلي للدعوى والأسانيد التي يستند إليها والطلبات التي يطلبها في ختام صحيفة الدعوى ، فإذا تخلف المدعي عن تقديم هذا البيان فإن هيئة التحكيم فإن هيئة التحكيم يتعين عليها أن تصدر قرارا بإنهاء إجراءات التحكيم وهذا الحكم وجوبي لا تترخص فيه الهيئة .ومع ذلك فقد نصت المادة على أنه إذا اتفق الطرفان على عدم إنهاء الإجراءات غم عدم تقدم المدعي لهذا البيان وجب على هيئة التحكيم الالتزام بذلك إعمالا لإرادة الطرفين ، كما ألزمت المادة المدعى عليه بالرد عل دعوى المدعي خلال الأجل المتفق عليه أو الذي تحدده الهيئة فإذا تقاعس عن أداء ذلك أوجب المشرع أن تستمر الهيئة في المضي في إجراءات التحكيم دون أن يعتبر عدم رد المدعى عليه بمثابة قبول ضمني من جانبه لادعاءات المدعي ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك .
وخلاصة ما تقدم فإن نص المادة سالفة الذكر يتناول التزام كلا من المدعي والمدعى عليه على نحو ما أوضحناه تفصيلا ، وفي الحالتين يجوز للمدعي والمدعى عليه الاتفاق على خلاف هذه القواعد فيجوز مثلا أن يتفق الطرفان على أنه في حالة عدم تقديم المدعي للبيان المطلوب تستمر الهيئة في نظر النزاع ، ويجوز مثلا الاتفاق على أنه في حالة عدم تقديم المدعى عليه البيان المطلوب أن تعتبر إجراءات التحكيم منتهية ، والمشرع في ذلك كله يؤكد مبدأ سلطان الإرادة ويطبق إرادة المتعاقدين حتى لو خالفت نص القانون لأن إعلاء إرادة العاقدين مصدره القانون ذاته .
.................................................. ............
جزاء التخلف عن حضور جلسات التحكيم :-
نصت المادة 35 من قانون التحكيم سالف الذكر على أن " إذا تخلف أحد الطرفين عن حضور إحدى الجلسات أو عن تقديم ما طلب منه منمستندات جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في إجراءات التحكيم وإصدار حكم في النزاعاستنادا إلى عناصر الإثبات الموجودة أمامها . "
وهذا النص يعالج حالة غياب أي من الطرفين أو كلاهما عن حضور جلسات التحكيم أو التقاعس عن تنفيذ ما طلب من أي منهما من المستندات .
حيث سبق أن أوضحنا أن المادة 30 من قانون التحكيم تعطي الهيئة الحق في أن تطلب من أي ن الطرفين أن يقدم أصول المستندات أو الوثائق في أية مرحلة كانت عليها الدعوى ، فإذا أعملت الهيئة هذا الحق وتقاعس الخصم المطلوب منه المستندات وامتنع عن تقديمها جاز لها أن تمضي في نظر الدعوى بحالتها أي بالمستندات والأوراق المقدمة فيها حتى ولو كانت صورا ضوئية أو أوراقا عرفية ، فإذا ما انتهت في حكمها على عدم الأخذ بهذه المستندات مثلا فإن الخصم الذي قدمها يتحمل نتيجة تقصيره لأن الهيئة طلبت منه تقديم الأصول ولم يمتثل ، كذلك إذا تخلف أي من الطرفين عن حضور الجلسات فإن ذلك لا يمنع الهيئة من نظر الدعوى بحالتها فتصدر قرارها في ضوء ما هو موجود منها من أوراق أو مستندات وبيان الدعوى والطلبات فيها ورد الخصم الأخر عليها ، وهذه الإجراءات تعتبر تطبيقا للقاعدة العامة في الفصل في الخصومات أمام المحاكم بصفة عامة .
.................................................. ............
الاستعانة بأهل الخبرة :-
نصت المادة 36 من قانون التحكيم على أن "1- لهيئة التحكيمتعيين خبيراً أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهي يثبت في محضر الجلسة بشأن مسائلمعينة تحددها وترسل إلى كل من الطرفين من قرارها بتحديد المهمة المسندة إلىالخبير .2- وعلى كل من الطرفين أن يقدم إلى الخبير المعلومات المتعلقة بالنزاعوأن يمكنه من معاينة وفحص ما يطلبه من وثائق أو بضائع أو أموال أخرى متعلقة بالنزاعوتفصل هيئة التحكيم في كل نزاع يقوم بين الخبير وأحد الطرفين في هذا الشأن.
3- وترسل هيئة التحكيم صورة من تقرير الخبير بمجرد إيداعه إلى كل من الطرفين مع إتاحةالفرصة له لإبداء رأيه فيه ولكل من الطرفين الحق في الإطلاع على الوثائق التي أستندإليها الخبير في تقريره وفحصها .
4- ولهيئة التحكيم بعد تقديم تقرير الخبير أنتقرر من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد طرفي التحكيم عقد جلسة لسماع أقوالالخبير مع إتاحة الفرصة للطرفين لسماعه ومناقشته بشأن ما ورد في تقريره ولكل منالطرفين أن يقدم في هذه الجلسة خبيراً أو أكثر من طرفه لإبداء الرأي في المسائلالتي تناولها تقرير الخبير الذي عينته هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفا التحكيم علىغير ذلك . "
وحيث ان المقصود مما أوردته هذه المادة في فقرتها الأولى هو حق هيئة التحكيم في تعيين خبير أو أكثر ، وعلى الهيئة تحديد المسائل المنوط بالخبير القيام بها وتثبت هذا التعيين في محضر الجلسة وترسل إلى كل من طرفي التحكيم صورة من قرارها بندب الخبير وتحديد المهمة المسندة إليه .
.................................................. ............
سماع الشهود :-
تنص المادة 37 من قانون التحكيم سالف الذكر على أن " يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة(9) من هذاالقانون بناءً على طلب هيئة التحكيم بما يأتي :-
أ-الحكم على من يتخلف من الشهودعن الحضور لو يمتنع عن الإجابة بالجزاءات المنصوص عليها في المادتين78و80من قانونالإثبات المواد المدنية والتجارية .
ب-الأمر بالإنابة القضائية . "
ومن الملاحظ أن هيئة التحكيم لا تملك اتخاذ إجراءات قانونية ضد الشاهد إذا رفض الحضور أو رفض الإدلاء بما لديه من معلومات ، وإنما يكون لها الحق في أن تخطر بذلك رئيس محكمة استئناف القاهرة أو رئيس محكم الاستئناف التي يتفق طفا التحكيم على اختصاصها بمذكرة موجزة باسم الشاهد وعنوانه ووقائع موجزة لما هو مطلوب ووجه المخالفة ويختص رئيس الحكمة عندئذ بتوقيع العقوبة المالية المقرة في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ( المادتين 78 و 80 من القانون المذكور ).
.................................................. ............
انقطاع سير الخصومة :-
نصت المادة 38 من قانون التحكيم المذكور على أن " ينقطع سير الخصومة أمام هيئة التحكيم في الأحوال ووفقاً للشروط المقررةلذلك في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويترتب على انقطاع سير الخصومة الآثارالمقررة في القانون المذكور . "
يتضح من هذا النص الذي أحال على قواعد قانون المرافعات أن أسباب انقطاع سير الخصومة وفقا للقواعد العامة في قانون المرافعات هي ، وفاة أحد الخصوم ، أو فقد أهلية الخصومة ، أو زوال صفة من كان يباشر الإجراءات من النائبين إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها .
ومع ذلك إذا طلب أحد الخصوم أجلا لإعلان من يقوم مقام الخصم الذي تحقق في شأنه سبب الانقطاع وجب على المحكمة قبل أن تقضي بانقطاع سير الخصومة أن تكلف الخصم بالإعلان خلال أجل تحدده ، فإذا لم يقم به خلال الأجل دون عذر قضت الهيئة بانقطاع سير الخصومة منذ تحقق سببه .
مؤدى ما تقدم أن ينقطع سير خصومة التحكيم إذا توفى المدعي أو المدعى عليه ( أحد طرفي التحكيم ) أو إذا فقد أهلية الخصومة كأن صدر حكم بإشهار إفلاسه أو زوال صفة الشركة بالتصفية أو الاندماج ، أو بزوال صفة الممثل القانوني لشركة أو الشخص الاعتباري الذي يكون طرفا في التحكيم .
وشرط انقطاع الخصومة في هذه الأحوال أن تكون المنازعة لازالت متداولة أمام هيئة التحكيم ، أما إذا كانت الهيئة قد أنهت إجراءات المرافعة وحجزتها لإصدار القرار فلا يؤثر وفاة أحد الطرفين أو زوال أهلية الخصومة عنه في إصدار الهيئة للقرار ، واستثناءا من الانقطاع بقوة القانون أجاز المشرع لأحد طرفي التحكيم وسواءا كان هو الطرف الذي حق في شأنه الانقطاع أو كان الطرف الأخر أن يطلب من الهيئة أجلا لإعلان من يقوم مقام الطرف الذي حقق في شأنه سبب الانقطاع ،وحينئذ لا تترخص الهيئة في قبول أو رفض هذا الطلب بل يتعين عليها – وقبل أن تقضي بالانقطاع – أن تكلفه بالإعلان خلال الأجل الذي تحدده ، فإذا لم ينفذ قرار الهيئة أي تقاعس عن اتخاذ الإجراء بدون عذر وكان سبب الانقطاع مازال قائما فإن الهيئة تصدر قرارها بانقطاع سير ال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق