أودعت المحكمة الإدارية العليا حيثياتها الكاملة فى حكمها الصادر بإلزام البابا شنودة "بطريرك الأقباط الأرثوذكس بمنح تصريح الزواج الثانى للمسيحى المطلق ..
وكانت الإدارية العليا قد أصدرت حكما نهائيا، برفض طعن البابا وتأييد حكم القضاء الإدارى..
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد الحسينى وبعضوية المستشارين أحمد الشاذلى وعادل بريك وصلاح الجراونى ومجدى العجرودى وبسكرتارية كمال نجيب.
وتعود وقائع القضية إلى أن هانى وصفى أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى فى 5 مايو 2008 اختصم فيها البابا شنودة ورئيس المجلس الإكليريكى العام للأقباط الأرثوذكس وطالب بمنحه تصريح الزواج الثانى.
وقال فى دعواه إنه بتاريخ 1 سبتمبر 2002 تزوج من هبة سمير يوسف وفقا لطقوس طائفة الأقباط الأرثوذكس، إلا أن الزوجة كانت دائمة الإساءة إليه والتعدى عليه بالسب والقذف وبألفاظ نابية أمام الأهل والجيران مما أصابه بأضرار جسيمة، ولم تفلح معها كافة محاولات الإصلاح مما دفعه لإقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا للأحوال الشخصية والتى قضت بتطليقه من زوجته فى عام 2003 للضرر، ولم يتم الاستئناف على الحكم وأصبح نهائيا، لذا تقدم بعد ذلك بطلب للتصريح له بالزواج الثانى إلا أن البابا رفض دون سند من الدستور أو لائحة الأحوال الشخصية الصادرة فى عام 1938.
وقد تداولت القضية أمام القضاء الإدارى التى أصدرت حكمها بجلسة 3 فبراير 2003 بإلزام البابا بمنحه التصريح واستندت فى حكمها على أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس هى شخص من أشخاص القانون العام، ومن ثم فإن المنازعات التى تكون طرفا فيها ينعقد للاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية بالفصل فى المنازعات الإدارية، كما أن الكنيسة لم تمتنع عن إصدار تصريح للمدعى بالزواج الثانى إلا أنها قيدت هذا التصريح بضرورة إحضار الخطيبة وإعلامها بالظروف الصحية للمدعى وذلك دون وجود أى سند قانونى، وهو ما يعد التفافا إن لم يكن مصادرة لحق المدعى الشرعى والقانونى فى الزواج بأخرى، بعد أن طلق زوجته الأولى بناء على حكم قضائى نهائى حائز لقوة القانون وأنه قدم ما يفيد خلوه من الأمراض التى قد تعوق الزواج.
وبعد صدور الحكم أقام البابا بصفته طعنا على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا لإلغائه واستند فى طعنه على أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون، حيث إن المجلس الإكليريكى سلطاته دينية ولا يخضع فى قراراته سوى للرئاسة الدينية التى تبدى رأيها وفقا لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه، وبالتالى يكون مجلس الدولة غير مختص ولائيا.
بنظر الدعوى، كما أن الحكم خالف الواقع والمستندات إذ أن جهة الإدارة قد صرحت للمطعون ضده بالزواج حال إحضار خطيبته وإعلامها بظروفه، وهو ما لا يمثل قيدا على حق المطعون ضده الشرعى فى الزواج لأن الأصل أن الزواج طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس لا يتم إلا مرة واحدة والاستثناء أن يوافق المجلس على منحه تصريحا بالزواج للمرة الثانية وهو ليس حقا شرعيا له إلا أن المحكمة الإدارية العليا رفضت الطعن.
وأكدت فى حيثياتها أن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل على رعاية الأقباط الأرثوذكس كافة، وهى فى سبيل ذلك خولها القانونى بالسلطات اللازمة بموافقة الأقباط وتقديم الخدمات اللازمة لهم، وهذه المهمة من مهام الدولة ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة فى هذا الخصوص إنما هو نشاط إدارى دعت إليه اعتبارات الصالح العام، وتغدو القرارات الصادرة منها على هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح تخضع لرقابة القضاء من حيث مدى مشروعيتها، ولذلك فإن التصريح بالزواج ثانية كنسيا حسبما ما ورد النص عليه فى المادة 69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يعدو فى حقيقته إلا أن يكون قرارا إداريا يخضع لرقابة القضاء الإدارى وبطلب إلغائه يدخل فى الاختصاص المعقود لذلك القضاء بمقتضى المادة (10) من قانون مجلس الدولة إلا أن ذلك لا يمس المعتقد المسيحى ولا يتصادم مع أصل من أصوله طالما استكمل شرائط صحته وضوابط نفاذه للتيقن من أن الرئيس الدينى وهو يباشر اختصاصه فى منح أو منع التصريح لم يتجاوز سلطاته المنوطة به وهو ما لا يعد تدخلا من القضاء فى المعتقد الدينى وإنما هو إعلاء له لتحقيق مقاصد تلك الشريعة دون خروج عليها أو تجاوز لها، الأمر الذى يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى لانتفاء ولايته أو انتفاء القرار الإدارى لا سند لهما من القانون.
ومن حيث موضوع المنازعة فإنه يتعين التقرير بأن التشريع المصرى وفى الصدارة منه الدستور قد حرص على حماية الأسرة بغض النظر عن العقيدة التى تدين بها، وأقر المشرع لكل مواطن حقه الدستورى فى تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التى ينتمى إليها، وفى إطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية الحقوق والحريات مع تحديد الواجبات اللازمة فى ذلك التنظيم الأسرى.
ومن ثم فليس مقبولا من أى جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها، مما قد يختلف الرأى بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة، خاصة أن التنظيم التشريعى لذلك الأمر أينما يكون وليد إرادة شاركت فيه الجهات الدينية المختلفة بالرأى والقرار قبل إصدار مثل ذلك التشريع ومتى كان ذلك وكانت لائحة؟
الأحوال الشخصية التى أقرها المجلس الملى فى عام 1938 بما تضمنته من قواعد وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية.
وتعتبر تلك اللائحة شريعتهم التى تنظم مسائل أحوالهم الشخصية، فقد عنيت تلك اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج باعتباره سرا مقدسا يتم وفقا لطقوس كنسية بقصد تكوين أسرة جديدة، فنظمت اللائحة أحكام الخطبة وعقد الزواج وبينت شروطه وموانعه كما نظمت أحكام الطلاق وحالاته فأوجبت اللائحة فى المادة 6 منها على الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة، أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعى يحول دون الزواج سواء من جهة القرابة أو المرض أو وجود رابطة زواج سابق، كما لم تجز المادة 25 لأحد الزوجين أن يتخذ زوجا ثانيا مادام الزواج قائما، ورتبت المادة 68 على الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائى الصادر به فتزول بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر وأجازت المادة 69 لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج وفى هذه الحالة لا يجوز لمن قضى بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس الإكليريكى، والثابت من الأوراق أن المطعون ضده وهو مسيحى أرثوذكسى حصل على حكم بالتطليق من زوجته والتى تزوجت من المدعو أسامة إميل فى 27/4/2006.
ومن حيث إن من المبادئ الأصولية فى الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحى أن يكون له سوى زوجة واحدة، فإذا انفصم عقد الزواج زال المانع وجاز له الزواج ثانية، ولما كان الثابت أن الكنيسة قد اعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية قد انقصمت بطلاق بائن، فمن ثم لا يسوغ لها حرمان المطعون ضده من الزواج ثانية كنسيا، على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة فى تلك المنازعات ليست مستمدة من الشرائع السماوية بصفة مباشرة، ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن التصريح له بالزواج قد جاء مميزا بين أصحاب المراكز المتماثلة على خلاف حكم القانون ومكونا لقرار سلبى يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية كما يتوافر ركن الاستعجال من أن استمرار امتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلى طريق الرذيلة، كما يحول بينه وبين ممارسته لحقه الإنسانى والدستورى فى الزواج وتكوين أسرة التى هى اللبنة الأولى للمجتمع ووفقا لأحكام شريعته التى يدين بها وهى نتائج يتعذر تداركها.
وأشارت المحكمة إلى أن قرار المجلس الإكليريكى هو قرار تمهيدى ذلك أن المجلس هو المنوط به دون غيره إصدار تصريح الزواج دون أن يتوقف ذلك على موافقة أى جهة أخرى وفقا لحكم المادة 69 من لائحة الأحوال الشخصية كما لا يجوز التحجج بأن المجلس اتخذ قرارا بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية شريطة إحضار خطيبته للمجلس لإعلامها بظروفه، ذلك أن موثق عقد الزواج ملزم بموجب اللائحة بالتثبت من خلو كل من الزوجين من الموانع الشرعية والقانونية للزواج، كما أن نموذج وثيقة الزواج التى يبرمها الموثق المنتدب تتضمن ضرورة تحققه من ذلك إضافة إلى إقرار كل من الزوجين فيها من خلوه من الأمراض التى تجيز التفريق وما إذا كانا قد سبق لهما أو لأحدهما الزواج، الأمر الذى يصبح معه اشتراط المجلس بإحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه لمنح التصريح ، كما أن المجلس لم يفصح عن الظروف التى ينبغى إعلام خطيبته بها فضلا عما يمثله من المساس بحجية الأحكام القضائية التى تعلو اعتبارات النظام العام وذلك بالنكول عن إعمال مقتضاها وترتيب آثارها.
لذا حكمت المحكمة برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتى التقاضى.
وكانت الإدارية العليا قد أصدرت حكما نهائيا، برفض طعن البابا وتأييد حكم القضاء الإدارى..
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد الحسينى وبعضوية المستشارين أحمد الشاذلى وعادل بريك وصلاح الجراونى ومجدى العجرودى وبسكرتارية كمال نجيب.
وتعود وقائع القضية إلى أن هانى وصفى أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى فى 5 مايو 2008 اختصم فيها البابا شنودة ورئيس المجلس الإكليريكى العام للأقباط الأرثوذكس وطالب بمنحه تصريح الزواج الثانى.
وقال فى دعواه إنه بتاريخ 1 سبتمبر 2002 تزوج من هبة سمير يوسف وفقا لطقوس طائفة الأقباط الأرثوذكس، إلا أن الزوجة كانت دائمة الإساءة إليه والتعدى عليه بالسب والقذف وبألفاظ نابية أمام الأهل والجيران مما أصابه بأضرار جسيمة، ولم تفلح معها كافة محاولات الإصلاح مما دفعه لإقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا للأحوال الشخصية والتى قضت بتطليقه من زوجته فى عام 2003 للضرر، ولم يتم الاستئناف على الحكم وأصبح نهائيا، لذا تقدم بعد ذلك بطلب للتصريح له بالزواج الثانى إلا أن البابا رفض دون سند من الدستور أو لائحة الأحوال الشخصية الصادرة فى عام 1938.
وقد تداولت القضية أمام القضاء الإدارى التى أصدرت حكمها بجلسة 3 فبراير 2003 بإلزام البابا بمنحه التصريح واستندت فى حكمها على أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس هى شخص من أشخاص القانون العام، ومن ثم فإن المنازعات التى تكون طرفا فيها ينعقد للاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية بالفصل فى المنازعات الإدارية، كما أن الكنيسة لم تمتنع عن إصدار تصريح للمدعى بالزواج الثانى إلا أنها قيدت هذا التصريح بضرورة إحضار الخطيبة وإعلامها بالظروف الصحية للمدعى وذلك دون وجود أى سند قانونى، وهو ما يعد التفافا إن لم يكن مصادرة لحق المدعى الشرعى والقانونى فى الزواج بأخرى، بعد أن طلق زوجته الأولى بناء على حكم قضائى نهائى حائز لقوة القانون وأنه قدم ما يفيد خلوه من الأمراض التى قد تعوق الزواج.
وبعد صدور الحكم أقام البابا بصفته طعنا على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا لإلغائه واستند فى طعنه على أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون، حيث إن المجلس الإكليريكى سلطاته دينية ولا يخضع فى قراراته سوى للرئاسة الدينية التى تبدى رأيها وفقا لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه، وبالتالى يكون مجلس الدولة غير مختص ولائيا.
بنظر الدعوى، كما أن الحكم خالف الواقع والمستندات إذ أن جهة الإدارة قد صرحت للمطعون ضده بالزواج حال إحضار خطيبته وإعلامها بظروفه، وهو ما لا يمثل قيدا على حق المطعون ضده الشرعى فى الزواج لأن الأصل أن الزواج طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس لا يتم إلا مرة واحدة والاستثناء أن يوافق المجلس على منحه تصريحا بالزواج للمرة الثانية وهو ليس حقا شرعيا له إلا أن المحكمة الإدارية العليا رفضت الطعن.
وأكدت فى حيثياتها أن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل على رعاية الأقباط الأرثوذكس كافة، وهى فى سبيل ذلك خولها القانونى بالسلطات اللازمة بموافقة الأقباط وتقديم الخدمات اللازمة لهم، وهذه المهمة من مهام الدولة ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة فى هذا الخصوص إنما هو نشاط إدارى دعت إليه اعتبارات الصالح العام، وتغدو القرارات الصادرة منها على هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح تخضع لرقابة القضاء من حيث مدى مشروعيتها، ولذلك فإن التصريح بالزواج ثانية كنسيا حسبما ما ورد النص عليه فى المادة 69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يعدو فى حقيقته إلا أن يكون قرارا إداريا يخضع لرقابة القضاء الإدارى وبطلب إلغائه يدخل فى الاختصاص المعقود لذلك القضاء بمقتضى المادة (10) من قانون مجلس الدولة إلا أن ذلك لا يمس المعتقد المسيحى ولا يتصادم مع أصل من أصوله طالما استكمل شرائط صحته وضوابط نفاذه للتيقن من أن الرئيس الدينى وهو يباشر اختصاصه فى منح أو منع التصريح لم يتجاوز سلطاته المنوطة به وهو ما لا يعد تدخلا من القضاء فى المعتقد الدينى وإنما هو إعلاء له لتحقيق مقاصد تلك الشريعة دون خروج عليها أو تجاوز لها، الأمر الذى يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى لانتفاء ولايته أو انتفاء القرار الإدارى لا سند لهما من القانون.
ومن حيث موضوع المنازعة فإنه يتعين التقرير بأن التشريع المصرى وفى الصدارة منه الدستور قد حرص على حماية الأسرة بغض النظر عن العقيدة التى تدين بها، وأقر المشرع لكل مواطن حقه الدستورى فى تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التى ينتمى إليها، وفى إطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية الحقوق والحريات مع تحديد الواجبات اللازمة فى ذلك التنظيم الأسرى.
ومن ثم فليس مقبولا من أى جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها، مما قد يختلف الرأى بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة، خاصة أن التنظيم التشريعى لذلك الأمر أينما يكون وليد إرادة شاركت فيه الجهات الدينية المختلفة بالرأى والقرار قبل إصدار مثل ذلك التشريع ومتى كان ذلك وكانت لائحة؟
الأحوال الشخصية التى أقرها المجلس الملى فى عام 1938 بما تضمنته من قواعد وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية.
وتعتبر تلك اللائحة شريعتهم التى تنظم مسائل أحوالهم الشخصية، فقد عنيت تلك اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج باعتباره سرا مقدسا يتم وفقا لطقوس كنسية بقصد تكوين أسرة جديدة، فنظمت اللائحة أحكام الخطبة وعقد الزواج وبينت شروطه وموانعه كما نظمت أحكام الطلاق وحالاته فأوجبت اللائحة فى المادة 6 منها على الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة، أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعى يحول دون الزواج سواء من جهة القرابة أو المرض أو وجود رابطة زواج سابق، كما لم تجز المادة 25 لأحد الزوجين أن يتخذ زوجا ثانيا مادام الزواج قائما، ورتبت المادة 68 على الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائى الصادر به فتزول بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر وأجازت المادة 69 لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج وفى هذه الحالة لا يجوز لمن قضى بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس الإكليريكى، والثابت من الأوراق أن المطعون ضده وهو مسيحى أرثوذكسى حصل على حكم بالتطليق من زوجته والتى تزوجت من المدعو أسامة إميل فى 27/4/2006.
ومن حيث إن من المبادئ الأصولية فى الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحى أن يكون له سوى زوجة واحدة، فإذا انفصم عقد الزواج زال المانع وجاز له الزواج ثانية، ولما كان الثابت أن الكنيسة قد اعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية قد انقصمت بطلاق بائن، فمن ثم لا يسوغ لها حرمان المطعون ضده من الزواج ثانية كنسيا، على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة فى تلك المنازعات ليست مستمدة من الشرائع السماوية بصفة مباشرة، ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن التصريح له بالزواج قد جاء مميزا بين أصحاب المراكز المتماثلة على خلاف حكم القانون ومكونا لقرار سلبى يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية كما يتوافر ركن الاستعجال من أن استمرار امتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلى طريق الرذيلة، كما يحول بينه وبين ممارسته لحقه الإنسانى والدستورى فى الزواج وتكوين أسرة التى هى اللبنة الأولى للمجتمع ووفقا لأحكام شريعته التى يدين بها وهى نتائج يتعذر تداركها.
وأشارت المحكمة إلى أن قرار المجلس الإكليريكى هو قرار تمهيدى ذلك أن المجلس هو المنوط به دون غيره إصدار تصريح الزواج دون أن يتوقف ذلك على موافقة أى جهة أخرى وفقا لحكم المادة 69 من لائحة الأحوال الشخصية كما لا يجوز التحجج بأن المجلس اتخذ قرارا بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية شريطة إحضار خطيبته للمجلس لإعلامها بظروفه، ذلك أن موثق عقد الزواج ملزم بموجب اللائحة بالتثبت من خلو كل من الزوجين من الموانع الشرعية والقانونية للزواج، كما أن نموذج وثيقة الزواج التى يبرمها الموثق المنتدب تتضمن ضرورة تحققه من ذلك إضافة إلى إقرار كل من الزوجين فيها من خلوه من الأمراض التى تجيز التفريق وما إذا كانا قد سبق لهما أو لأحدهما الزواج، الأمر الذى يصبح معه اشتراط المجلس بإحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه لمنح التصريح ، كما أن المجلس لم يفصح عن الظروف التى ينبغى إعلام خطيبته بها فضلا عما يمثله من المساس بحجية الأحكام القضائية التى تعلو اعتبارات النظام العام وذلك بالنكول عن إعمال مقتضاها وترتيب آثارها.
لذا حكمت المحكمة برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتى التقاضى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق